وروي ذلك عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وعائشة رضي الله عنهم، وبه قال عمر بن عبد العزيز، وهو مذهب الأوزاعي والشافعي. وفيه إبطال مذهب أهل الظاهر فيما ذهبوا إليه من إيجاب القطع في الكثير والقليل، وهو مذهب الخوارج. وقال الترمذي: والعمل على هذا عند بعض فقهاء التابعين، وهو قول مالك بن أنس والشافعي وأحمد وإسحاق. رأوا القطع في ربع دينار فصاعداً. وقد روي عن ابن مسعود أنه قال: لا قطع إلا في دينار أو عشرة دراهم وهو حديث مرسل رواه القاسم بن عبد الرحمن، عن ابن مسعود، والقاسم لم يسمع من ابن مسعود، والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، وهو قول سفيان الثوري وأهل الكوفة، قالوا: لا قطع في أقل من عشرة دراهم، وروي عن علي أنه قال: لا قطع في أقل من عشرة دراهم، وليس إسناده بمتصل. وأخرج ابن أبي شيبة ٩/ ٤٧٥ حدَّثنا وكيع، عن سفيان، عن حماد، عن إبراهيم النخعي قال: قال عبد الله: لا تقطع اليد إلا في ترس أو حَجَفَة. قال: قلت وإبراهيم: كم قيمته؟ قال: دينار. وقال الحافظ في "الفتح" ١٢/ ١٠٦: وقد خالف من المالكية في ذلك من القدماء ابن عبد الحكم وممن بعدهم ابن العربي فقال: ذهب سفيان الثوري مع جلالته في الحديث إلى أن القطع لا يكون إلا في عشرة دراهم، وحجته أن اليد محترمة بالإجماع، فلا تستباح إلا بما أجمع عليه، والعشرة متفق على القطع فيها عند الجميع، فيتمسك به ما لم يقع الاتفاق على ما دون ذلك؟ وتعقب بأن الآية دلت على القطع في كل قليل وكثير، وإذا اختلفت الروايات في النصاب أخذ بأصح ما ورد في الأقل، ولم يصح أقل من ربع دينار أو ثلاثة دراهم.