قال الخطابي: والوجه الآخر: أن يكون معناه أنه إذا قتله كان مثله في حكم البواء، فصارا متساويين، لا فضل للمقتص إذا استوفى حقه على المقتص منه. وكذلك أورد هذا الوجه الثاني احتمالاً البغوي والنووي وابن القيم. وقال النووي في "شرح مسلم": وقيل: فهو مثله في أنه قاتل، وإن اختلفا في التحريم والإباحة لكنهما استويا في طاعتهما الغضب ومتابعة الهوى، لا سيما وقد طلب النبي - صلَّى الله عليه وسلم - منه العفو، وإنما قال النبي - صلَّى الله عليه وسلم - ما قال بهذا اللفظ الذي هو صادق فيه لإيهام لمقصود صحيح، وهو أن الولي ربما خاف فعفا والعفو مصلحة للولي والمقتول في ديتهما لقوله -صلَّى الله عليه وسلم-: "يبوء بإثمك وإثم صاحبك" وفيه مصلحة للجاني وهو إنقاذه من القتل، فلما كان العفوُ مصلحة توصّل إليه بالتعريض. وجاء عند مسلم والنسَائي في رواية إسماعيل بن سالم السالف تخريجها عند الرواية السابقة أن إسماعيل ذكر الحديث لحبيب بن أبي ثابت، فقال: حدثني ابن أشوع (وهو القاضي سعيد بن عمرو بن أشوع) أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - إنما سأله أن يعفو عنه فأبى. قلنا: وهذا يعني أنه خالف أمر النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، فبذلك استحق أن يكون مثله وأن يكون في النار. وهذا وجه آخر. وانظر تفسير قوله -صلَّى الله عليه وسلم-: "يَبُؤْ بإثم صاحبه وإثمه" عند الرواية السالفة برقم (٤٤٩٩). وقوله: فمواليك: جمع مولى والمراد به ها هنا السيد. قال ابن الأثير "في النهاية": المولى: اسم يقع على جماعة كثيرة فهو الرب والمالك والسيد والمنعم والمعتق والناصر والمحب والتابع والجار وابن العم والحليف والعقيد والصهر والعبد والمعتَق والمنعَم عليه، وأكثرها قد جاءت في الحديث، فيضاف كل واحدٍ إلى ما يقتضيه الحديث الوارد فيه، وكل من ولي أمراً أو قام به، فهو مولاه ووليه، وقد تختلف مصادر هذه الأسماء، فالوَلاية بالفتح، في النسب والنصرة والمعتق، والوِلاية بالكسر في الإمارة، والوَلاء: المعتَقُ، والمُوالاةُ من والَى القوم.