للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عن أبيه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ أعظم المسلمين في المسلمين جُرْماً مَنْ سأل عن أمرٍ لم يُحَرَّم، فحُرِّم على الناس من أجلِ مسألته" (١).

٤٦١١ - حدَّثنا يزيدُ بنُ خالدِ ابنِ عبد الله بن مَوْهَب الهَمْداني، حدَّثنا الليثُ، عن عُقَيل، عن ابنِ شهاب، أن أبا إدريس الخولانيَّ عائذَ الله أخبره

أن يزيدَ بنَ عَمِيرةَ -وكان من أصحاب معاذ بن جبل- أخبره، قال: كان لا يجلس مجلساً للذكر حين يجلس إلا قال: الله حَكَمٌ قِسْطٌ، هلك المُرتابون، فقال معاذ بن جبل يوماً: إن مِنْ ورائكم فِتَناً


(١) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة.
وأخرجه البخاري (٧٢٨٩)، ومسلم (٢٣٥٨) من طريق ابن شهاب الزهري، به.
وهو في "مسند أحمد" (١٥٤٥)، و"صحيح ابن حبان" (١١٠).
قال الخطابي: هذا في مسالة من يسأل عبثاً وتكلفاً فيما لا حاجة به إليه، دون من سأل سؤال حاجة وضرورة كمسألة بني إسرائيل في شأن البقرة. وذلك أن الله سبحانه أمرهم أن يذبحوا بقرة، فلو استعرضوا البقر، فذبحوا منها بقرة لأجزأتهم. كذلك قال ابن عباس رضي الله عنه في تفسير الآية، فما زالوا يسألون ويتعنتون حتى غلظت عليهم وأمروا بذبح البقرة على النعْت الذي ذكره الله في كتابه، فعظمت عليهم المؤنة، ولحقتهم المشقة في طلبها حتى وجدوها فاشتروها بالمال الفادح فذبحوها وما كادوا يفعلون.
وأما ما كان سؤاله استبانة لحكم واجب، واستفادة لعلم قد خفي عليه فإنه لا يدخل في هذا الوعيد، وقد قال الله سبحانه: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [الأنبياء: ٧].
وقد يحتج بهذا الحديث من يذهب من أهل الظاهر إلى أن أصل الأشياء قبل ورود الشرع بها على الإباحة حتى يقوم دليل على الحظر.
وإنما وجه الحديث وتأويله ما ذكرناه، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>