للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في غير حديثٍ ولا حديثين، وقد سَمعَهُ منه المسلمون، فتكلَّموا به في حياته وبعد وفاته، يقيناً وتسليماً لربهم، وتضعيفاً لأنفسهم، أن يكون شيءٌ لم يُحِطْ به علمُه، ولم يحصِه كتابُه، ولم يمْضِ فيه قَدَرُه، وإنَّه لمعَ ذلك في مُحكَم كتابه: لَمِنه اقتبسُوه، ومنه تَعَلَّموه، ولئن قلتم: لِمَ أنزل الله آية كذا؟ ولِمَ قال كذا؟ لقد قرؤوا منه ما قرأتم، وعلموا مِن تأويله ما جهلتم، وقالوا بعد ذلك: كُلُّه بكتابٍ وقَدَرٍ، وكُتبتِ الشقاوةُ، وما يُقدَّرْ يكن، وما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، ولا نَملِكُ لأنفسنا ضَرَّاً ولا نَفْعاً، ثم رغبوا بعد ذلك ورَهِبُوا (١).

٤٦١٣ - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل، حدَّثنا عبدُ الله بنُ يزيد، حدَّثنا سعيدُ -يعني ابن أبي أيوب- أخبرني أبو صَخرٍ، عن نافعٍ قال:

كان لابن عُمرَ صديقٌ من أهل الشام يُكاتِبُه، فكتبَ إليه من عبد الله ابن عمر: إنّه بلغني أنَّك تكلمتَ في شيء من القَدَر، فإياكَ أن تكتب إليَّ، فإني سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - يقول: "سيكون في أمتي أقوام يكذِّبون بالقَدَر" (٢).


(١) ابن كثير: هو محمد بن كثير العبدي، وسفيان: هو الثوري.
وأخرجه أبو بكر الآجري في "الشريعة" ص ٢٣٣ من طريق مؤمل بن إسماعيل، عن سفيان الثوري، قال: حدثني شيخ -قال مؤمل: زعموا أنه أبو رجاء الخراساني- أن عدي بن أرطاة كتب إلى عمر بن عبد العزيز ... فذكر نحوه.
وأخرجه أيضاً ص ٢٣٤ من طريق أبي داود الحفري، عن أبي رجاء قال: كتب عامل لعمر بن عبد العزيز يساله عن القدر ...
مَقْصَر بمعنى تقصيبر، ومَحْسَرٍ من حسر البصر حسوراً إذا كَلَّ وانقطع، والمراد أن الإفراط والتفريط يكون صاحبه على غير هُدى مستقيم.
(٢) إسناده حسن من أجل أبي صخر -وهو حميد بن زياد-. =

<<  <  ج: ص:  >  >>