وهو أيضاً في "الموطأ" ٢/ ٩٨٦ برواية يحيى الليثي مرسلاً، وكذلك هو عند ابن عبد البر في "التمهيد" ٥/ ١٦٩، وفي "التجريد" ص ٥١، وابن حجر في "الاتحاف" ٨/ ٣٢٣، والزرقاني في "شرح الموطا" ٤/ ٤٠٣. لم يذكر فيه عبد الله بن عمر. وقد وقع في المطبوع منه مسنداً وهو خطاً. قال ابن عبد البر تعليقاً على الرواية المرسلة: هكذا رواه يحيى، عن مالك، عن زيد بن أسلم مرسلاً، وما أظن أرسله عن مالك غيره، وقد وصله جماعة عن مالك، منهم القعنبىُّ (كما في رواية أبي داود هنا)، وابن وهب، وابن القاسم، وابن بكير، وابن نافع , ومطرف، والتتيسي، رووه كلهم عن مالك، عن زيد بن أسلم, عن عبد الله بن عمر، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. وهو الصواب، وسماع زيد بن أسلم من ابن عمر صحيح. وأخرجه من طريق مالك البخاري (٥٧٦٧). وأخرجه البخاري (٥١٤٦) من طريق سفيان، والترمذي (٢١٤٧) من طريق عبد العزيز بن محمَّد، كلاهما عن زيد بن أسلم، عن عبد الله بن عمر. وهو موصول في "مسند أحمد" (٤٦٥١)، و"صحيح ابن حبان" (٥٧١٨) قال ابن عبد البر فى "التمهيد" ٥/ ١٧٠ - ١٧١: وقد روي عن النبي-صلى الله عليه وسلم- في قوله: "إن من البيان لسحراً"، من وجوه غير هذا من حديث عمار وغيره. واختلف في المعنى المقصود إليه بهذا الخبر، فقيل: قصد به إلى ذمِّ البلاغة، إذ شبهت بالسحر، والسحر محرم مذموم، وذلك لما فيها من تصوير الباطل في صورة الحق، والتفيهق والتشدق، وقد جاء في الثرثارين المتفيهقين ما جاء من الذم، وإلى هذا المعنى ذهب طائفة من أصحاب مالك، واستدلوا على ذلك بدخال مالك له في "موطئه" في باب ما يكره من الكلام. وأبى جمهور أهل الأدب والعلم بلسان العرب إلا أن يجعلوا قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن من البيان لسحراً" مدحاً وثناء وتفضيلاً للبيان وإطراء، وهو الذي تدل عليه سياقة الخبر ولفظه.