قلنا: والظاهر أنه لم يكن فى ثوبه فضلة يسجد عليها مع بقاء ستر عورته، فقد جاء عند البخاري (٣٨٥) عن أنس بن مالك قال: كنا نُصلي مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فيضع أحدنا طرفَ الثوب من شدة الحر في مكان السجود. وفي رواية: (٥٤٢) كنا إذا صلينا خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالظهائر سجدنا على ثيابنا اتقاء الحر. (١) إسناده صحيح. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (١٥٠٤) من طريق عبيدة بن حميد، بهذا الإسناد. قال السندي في "حاشيته على سنن النسائى" تعليقاً على قول ابن مسعود: كان قدر صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أي: قدر تأخير الصلاة عن الزوال ما يظهر فيه قدر ثلاثة أقدام للظل، أي: يصير ظلّ كل إنسان ثلاثة أقدام من أقدامه، فيعتبر قدم كل إنسان بالنظر إلى ظله، والمراد أن يبلغ مجموع الظل الأصلي والزائد هذا المبلغ، لا أن يصير الزائد هذا القدر، ويعتبر الأصلي سوى ذلك، فهذا قد يكون لزيادة الظل الأصلي كما في أيام الشتاء، وقد يكون لزيادة الظل الزائد بسبب التبريد كما في أيام الصيف. وقال الخطابى في "معالم السنن" ١/ ١٢٨: وهذا أمر يختلف في الأقاليم والبلدان، ولا يستوى في جميع المدن والأمصار، لأن العلة في طول الظل وقصره هو زيادة ارتفاع الشمس في السماء وانحطاطها، فكلما كانت أعلى وإلى محاذاة الرؤوس في مجراها أقرب كان الظل أقصر، وكلما كانت أخفض ومن محاذاة الرؤوس أبعد كان الظل أطول، ولذلك ظلال الشتاء تراها أبداً أطول من ظلال الصيف في كل مكان، وكانت صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة والمدينة، وهما من الإقليم الثاني، ويذكرون أن الظل فيهما في أول الصيف في شهر آذار ثلاثة أقدام وشيء، ويشبه أن تكون صلاته إذا اشتد الحر=