للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإنما دعاه إلى تدوين هذا النوع في كتابه، أنه كان يذهبُ مذهب شيخه الإمام أحمد بن حنبل في الاحتجاج بالحديث الضعيف ضعفاً خفيفاً إذا لم يوجد في الصحيح ما يُغني عنه، ولم يوجد ما يخالفه مما هو أصحُّ منه، وهذا هو السبب الذي حفزه إلى تأليف كتاب "المراسيل" وقد ضمنه "أربعة وأربعين وخمس مئة حديث".

قال الإمام أبو بكر الأثرم صاحبُ الإمام أحمد: كان أبو عبد الله -يعني أحمد بن حنبل- ربما كان الحديثُ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي إسناده شيء، فيأخُذُ به إذا لم يجئ خلافُه أثبت منه، مثل حديث عمرو بن شعيب، وإبراهيم الهَجَري، وربما أخذ بالحديث المرسل إذا لم يجئ خلافه (١).

وذكر الإمامُ ابنُ قيم الجوزية -وهو بصدد بيان الأصول التى اعتمدها الإمام أحمد وبنى عليها مذهبه، فقال-: الأصلُ الرابع- يعني عند الإمام أحمد- الأخذ بالمرسل والحديث الضعيف إذا لم يكن في الباب شيء يدفعُه، وهو الذي رجّحه على القياس، وليس المرادُ بالضعيف عنده الباطلُ، ولا المنكرُ، ولا ما في روايته متهم بحيث لا يسوغ الذهاب إليه والعملُ به، بل الحديثُ الضعيف عنده قسيمُ الصحيح، وقسمٌ مِن أقسامِ الحسن، ولم يكن يُقسِّم الحديثَ إلى صحيح وحسن وضعيف، بل إلى صحيح وضعيف، وللضعيف عنده مراتبُ، فإذا لم يجد في الباب أثراً يدفعه ولا قولُ صاحب، ولا إجماعٌ


(١) ابن رجب الحنبلي في "شرح علل الترمذي" ١/ ٣١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>