للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على خلافه، كان العملُ بهِ عنده أولى مِنَ القياس، وليس أحدٌ من الأئمة إلا وهو موافقُه على هذا الأصل من حيث الجملة (١).

رابعاً: أنَّه عندما يُورِدُ حديثاً شديد الضعف يُبين ذلك، فقد قال: وما كان في كتابي من حديث فيه وهْنٌ شديد فقد بينته.

وقد ذكروا أن هذا البيان مدوَّن أكثره في "السنن" برواية ابن العبد.

خامساً: أن ما سكت عنه فهو صالح، وذلك في قوله: وما لم أذكُر فيه شيئاً فهو صالح. وقد اختلف أهلُ العلم في المراد من قوله: فهو صالح.

فقد قال ابنُ عبد البر: كُلُّ ما سكت عليه أبو داود، فهو صحيح عنده، لا سيما إن كان لا يذكر في الباب غيره (٢).

وقال الحافظ الذهبي: قد وفَّى أبو داود رحمه الله بذلك بحسب اجتهاده، وبيّن ما ضعفه شديد، ووهْنُه غير محتمل، وكاسَرَ (غضَّ من طرفه) عما ضعفُه خفيفٌ محتملٌ، فلا يلزمُ مِن سكوته -والحالةُ هذه- عن الحديث أن يكون حسناً عنده، ولا سيما إذا حكمنا على حَدِّ الحسن باصطلاحنا المولَّدِ الحادث الذي هو في عُرف السلفِ يعودُ إلى قسم مِن أقسام الصحيح، الذي يجب العملُ به عند جمهورِ العلماء، أو الذي يرغبُ عنه أبو عبد الله البخاري، ويُمشِّيه مسلمٌ، وبالعكس، فهو داخل في أدنى مراتب الصحة، فإنه لو انحط عن ذلك لخرج عن الاحتجاج، ولبقي متجاذباً بين الضعيف والحسن،


(١) "إعلام الموقعين" ١/ ٦١.
(٢) ابن حجر العسقلاني في "النكت على مقدمة ابن الصلاح" ص ١٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>