١٧٧ - والكلام إنما هو في أننا منهيون عن التشبه بهم فيما لم يكن سلف الأمة عليه أما ما كان سلف الأمة عليه فلا ريب فيه سواء فعلوه أو تركوه فإنا لا نترك ما أمر الله به من أجل أن الكفار تفعله، قلت: ومن ذلك ما يبرر به كثير من حالقي لحاهم فعلهم بأن الكفار أو كثيرا منهم الآن يعفون لحاهم فإذا أعفيناها كنا متشبهين بهم هكذا يقولون وجوابهم أن إعفاء اللحية مما أمر الله ورسوله به فلا نتركه من أجل أن الكفار يفعلونه.
١٧٧ - وقد تقدم بيان أن ما أمرنا الله به ورسوله من مخالفتهم مشروع سواء كان الفعل مما قصد فاعله التشبه بهم أم لم يقصد، وكذلك ما نهي عنه من مشابهتهم يعم ما إذا قصدت مشابهتهم أم لم تقصد فإن عامة هذه الأعمال لم يكن المسلمون يقصدون المشابهة فيها، وفيها ما لا يتصور قصد المشابهة فيه كبياض الشعر وطول الشارب.
١٧٨ - أعمالهم - يعني الكفار - ثلاثة أقسام: قسم مشروع في ديننا مع كونه مشروعا لهم أو لا نعلم أنه مشروع لكنهم يفعلونه الآن.. وقسم كان مشروعا ثم نسخه شرع القرآن. وقسم لم يكن مشروعا بحال لكنهم أحدثوه. وهذه الأقسام إما تكون في العبادات المحضة أو في العادات المحضة وهي الآداب أو تجمع العبادات والعادات، فأما القسم الأول وهو ما كان مشروعا في الشريعتين أو ما كان مشروعا لنا وهم يفعلونه: فمثل صيام عاشوراء ودفن الموتى والصلاة في النعلين فالمخالفة في هذا القسم تكون في صفة ذلك العمل.