قال ابن القيم رحمه الله في شفاء العليل ص ١٣٠ بعد أن أطال رحمه الله في الكلام على الكسب والجبر: فالطوائف كلها متفقة على الكسب، ومختلفون في حقيقته، فالقدرية قالوا: هو إحداث العبد لفعله بقدرته ومشيئته استقلالا، وليس للرب فيه صنع ولا هو خالق فعله ولا مكونه ولا مريد له.
وقالت الجبرية: اقتران الفعل بالقدرة الحادثة من غير أن يكون لها فيه أثر.
ثم ذكر أن الأشعري في عامة كتبه، فسر الكسب بأن يكون الفعل بقدرة محدثة، فمن وقع الفعل منه بقدرة محدثة فهو مكتسب، ومن وقع منه بقدرة قديمة فهو فاعل خالق.
وقال بعض المعتزلة: من يفعل بغير آلة ولا جارحة فهو خالق، ومن يحتاج في فعله إلى الآلات والجوارح فهو مكتسب، ثم قال: ونحن نقول: هي أفعال للعباد حقيقة ومفعولة للرب، فالفعل عندنا غير المفعول وهو إجماع من أهل السنة، فالعبد فعلها حقيقة والله خالقه وخالق ما فعل به من القدرة والإرادة وخالق فاعليته.
وسر المسألة أن العبد فاعل متفعل باعتبارين.
ثم قال ص ١٣١: قلت: هاهنا ألفاظ، وهي فاعل، وعامل، ومكتسب، وكاسب، وصانع، ومحدث، وجاعل، ومؤثر، ومنشئ، وموجد، وخالق، وبارئ، ومصور، وقادر، ومريد.
وهذه الألفاظ ثلاثة أقسام:
قسم لم يطلق إلا على الرب، كالبارئ، والبديع، والمبدع.