للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهل السنة والجماعة

ــ

الحديث: «حتى يأتي أمر الله» ، أو: إلى قيام الساعة؛ أي: ساعتهم، وهو موتهم؛ لأن من مات فقد قامت قيامته، لكن الأول أقرب، فهم منصورون إلى قرب قيام الساعة، وإنما لجأنا إلى هذا التأويل لدليل، والتأويل بدليل جائز؛ لأن الكل من عند الله.

" أهل السنة والجماعة ": أضافهم إلى السنة؛ لأنهم متمسكون بها، والجماعة؛ لأنهم مجتمعون عليها.

فإن قلت: كيف يقول: " أهل السنة والجماعة "؛ لأنهم جماعة، فكيف يضاف الشيء إلى نفسه؟ !

فالجواب: أن الأصل أن كلمة الجماعة بمعنى الاجتماع، فهي اسم مصدر، هذا في الأصل، ثم نقلت من هذا الأصل إلى القوم المجتمعين، وعليه؛ فيكون معنى أهل السنة والجماعة؛ أي: أهل السنة والاجتماع، سموا أهل السنة؛ لأنهم متمسكون بها؛ لأنهم مجتمعون عليها.

ولهذا لم تفترق هذه الفرقة كما افترق أهل البدع، نجد أهل البدع، كالجهمية متفرقين، والمعتزلة متفرقين، والروافض متفرقين، وغيرهم من أهل التعطيل متفرقين، لكن هذه الفرقة مجتمعة على الحق، وإن كان قد يحصل بينهم خلاف، لكنه خلاف لا يضر، وهو خلاف لا يضلل أحدهم الآخر به؛ أي: أن صدورهم تتسع له، وإلا، فقد اختلفوا في أشياء مما يتعلق بالعقيدة، مثل: هل رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ربه بعينه أم لم يره؟ ومثله: هل عذاب القبر على البدن والروح أو الروح فقط؟ ومثل بعض الأمور يختلفون فيها، لكنها مسائل تعد فرعية بالنسبة للأصول، وليست من الأصول. ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>