للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن سفينة تأتي بدون قائد وتنزل وتنصرف؟ ! هذا ليس معقولًا! قال: كيف لا تعقلون هذا، وتعقلون أن هذه السماوات والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب والناس كلها بدون صانع؟ فعرفوا أن الرجل خاطبهم بعقولهم، وعجزوا عن جوابه هذا أو معناه.

وقيل لأعرابي من البادية: بم عرفت ربك؟ فقال: الأثر يدل على المسير، والبعرة تدل على البعير، فسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، وبحار ذات أمواج، ألا تدل على السميع البصير؟

ولهذا قال الله عز وجل: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} [الطور: ٣٥] .

فحينئذ يكون العقل دالًّا دلالة قطعية على وجود الله.

- وأما دلالة الحس على وجود الله؛ فإن الإنسان يدعو الله عز وجل، يقول: يا رب! ويدعو بالشيء، ثم يستجاب له فيه، وهذه دلالة حِسِّية، هو نفسه لم يدع إلا الله، واستجاب الله له، رأى ذلك رأي العين. وكذلك نحن نسمع عمَّن سبق وعمَّن في عصرنا، أن الله استجاب الله.

فالأعرابي الذي دخل والرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخطب الناس يوم الجمعة قال: هلكت الأموال، وانقطعت السبل فادع الله يغيثنا «قال أنس: والله؛ ما في السماء من سحاب ولا قزعة (أي: قطعة سحاب) وما بيننا وبين سلع (جبل في المدينة تأتي من جهته السحب) من بيت ولا دار. . وبعد دعاء الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فورًا خرجت سحابًا مثل الترس، وارتفعت في السماء وانتشرت ورعدت، وبرقت، ونزل المطر، فما نزل الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا والمطر يتحادر من لحيته عليه الصلاة والسلام» (١)


(١) رواه البخاري/ كتاب الاستسقاء/ باب الاستسقاء في خطبة الجمعة، ومسلم/ كتاب صلاة الاستسقاء/ باب الدعاء في الاستسقاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>