للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هذه الآية من تشريف النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وتأييده وتأكيد بيعته ما لا يخفى على أحد.

أما قوله تعالى: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} . فهي على حقيقتها وظاهرها وذلك لأن يد الله - تعالى - صفة من صفاته وهو سبحانه فوقهم على العرش استوى، فكانت يده فوق أيديهم كما قرر ذلك ابن القيم وانظره ص ٣٤٩ ط الإمام من كتاب (استعجال الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة) المعروف باسم (مختصر الصواعق) .

وهذا التقرير ظاهر مطابق لظاهر اللفظ، وهو أولى من قول من جعله على سبيل التخييل، بأنه لما كانت مبايعة النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مبايعة لله كانت يد النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كأنها يد الله - تعالى - وذلك أن النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عند المبايعة ليس يجعل يده فوق أيديهم، وإنما كان يمسك بأيديهم ويصافحهم، فيده مع أيديهم لا فوقها، وبهذا تبين أنه ليس في الآية تأويل يصرفها عن ظاهرها والحمد لله رب العالمين.

وبالإجابة على هذه الأمثلة يتبين أنه ليس للأشاعرة وغيرهم حجة على أهل السنة بإلزامهم بالموافقة أو المداهنة في تأويلهم لما أولوه من صفات الكمال التي أثبتها الله - تعالى - لنفسه، ولو سلمنا أن لهم حجة في ذلك لسلمنا أن للمعتزلة حجة فيما أولوه من الصفات التي يثبتها الأشاعرة، ولسلمنا أن للقرامطة وغيرهم من غلاة الجهمية ومن سلك سبيلهم حجة فيما أولوه من الأسماء، بل لسلمنا أن للفلاسفة وغيرهم حجة فيما ذهبوا إليه من تأويل نصوص المعاد، ولهذا كان لا سبيل لأحد في دفع شبه هؤلاء

<<  <  ج: ص:  >  >>