والتي أخص: مثل قوله تعالى لموسى وهارون: {قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى}[طه: ٤٦] . وقوله عن رسوله محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:{إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}[التوبة: ٤٠] .
وسبق أن هذه المعية حقيقية، وأن من مقتضى المعية العامة العلم والسمع والبصر والقدرة والسلطان، وغير ذلك، ومن مقتضى الخاصة النصر والتأييد.
قوله:" بين ذلك "؛ أي: بين العلو والمعية ففي قوله: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} ، إثبات العلو، وفي قوله:{وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} إثبات المعية، فجمع بينهما في آية واحدة، ولا منافاة بينهما كما سبق ويأتي.
ووجه الجمع من وجوه ثلاثة:
الأول: أنه ذكر استواءه على العرش، ثم قال:{وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} ، وإذا جمع الله لنفسه بين وصفين، فإننا نعلم علم اليقين أنهما لا يتناقضان؛ لأنهما لو تناقضا لاستحال اجتماعهما؛ إذ المتناقضان لا يجتمعان ولا يرتفعان؛ فلا بد من وجود أحدهما وانتفاء الثاني، ولو كان هناك تناقض، لزم أن يكون أول الآية مكذبا لآخرها أو بالعكس.
الثاني: أنه قد يجتمع العلو والمعية في المخلوقات، كما سيذكره المؤلف في قول الناس: ما زلنا نسير والقمر معنا.