للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس معنى قوله: {وَهُوَ مَعَكُمْ} أنه مختلط بالخلق فإن هذا لا توجبه اللغة وهو خلاف ما أجمع عليه سلف الأمة وخلاف ما فطر الله عليه الخلق

ــ

الثالث: لو فرض تعارضهما بالنسبة للمخلوق، لم يلزم ذلك بالنسبة للخالق، لأن الله ليس كمثله شيء.

قوله: " وليس معنى قوله: {وَهُوَ مَعَكُمْ} أنه مختلط بالخلق ": لأن هذا المعنى نقص، وقد سبق أنه لو كان هذا هو المعنى لزم أحد أمرين: إما تعدد الخالق أو تجزؤه، مع ما في ذلك أيضا من كون الأشياء تحيط به وهو سبحانه محيط بالأشياء.

قوله: " فإن هذا لا توجبه اللغة " يعني: وإذا كانت اللغة لا توجبه لم يتعين، وهذا أحد الوجوه الدالة على بطلان مذهب الحلولية من الجهمية وغيرهم؛ القائلين بأن الله مع خلقه مختلطا بهم.

ولم يقل: لا تقتضيه اللغة؛ لأن اللغة قد تقتضيه، وفرق بين كون اللغة تقتضي ذلك، وبين كونها توجب ذلك.

فالمعية في اللغة قد تقتضي الاختلاط مثل الماء واللبن، تقول ماء مع لبن مخلوطا.

قوله: " وهو خلاف ما أجمع عليه سلف الأمة وخلاف ما فطر الله عليه الخلق ": وذلك لأن الإنسان مفطور على أن الخالق بائن من المخلوق، ليس أحد إذا قال: يا الله. إلا ويعتقد أن الله تعالى بائن من خلقه، لا يعتقد أنه حال في خلقه، فدعوى أنه مختلط بالخلق مخالف

<<  <  ج: ص:  >  >>