للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن عبد الله بن عمر؛ أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا يؤمن أحدكم»

ــ

الإنسان ولده؛ تربية له، فيعد هذا الضرب فعلا حسنا، فكذلك الله يصيب بعض الناس بهذه المصائب لتربيتهم، قال تعالى في القرية التي قلب الله أهلها قردة خاسئين: {فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة: ٦٦] ، وهذا الحسن في حكم الله ليس بينا لكل أحد، كما قال تعالى: {لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} ، وكلما ازداد العبد يقينا وإيمانا ازداد معرفة بحسن أحكام الله، وكلما نقص إيمانه ويقينه ازداد جهلا بحسن أحكام الله، ولذلك تجد أهل العلم الراسخين فيه إذا جاءت الآيات المتشابهات بينوا وجه ذلك بأكمل بيان، ولا يرون في ذلك تناقضا، وعلى هذا؛ فإنه يتبين قوة الإيمان واليقين بحسب ما حصل للإنسان من معرفته بحسن أحكام الله الكونية والشرعية.

وقوله: {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} . خبر لا يدخله الكذب ولا النسخ إطلاقا، ولذلك هدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه، فجمعوا بين المتشابهات والمختلفات من النصوص، وقالوا: {كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} [آل عمران: ٧] ، وعرفوا حسن أحكام الله تعالى، وأنها أحسن الأحكام وأنفعها للعباد، وأقومها لمصالح الخلق في المعاش والمعاد؛ فلم يرضوا عنها بديلا.

قوله في حديث عبد الله بن عمر: " لا يؤمن أحدكم ". أي: إيمانا كاملا إلا إذا كان لا يهوى ما جاء به النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالكلية، فإنه ينتفي عنه الإيمان بالكلية؛ لأنه إذا كره ما أنزل الله؛ فقد حبط عمله لكفره، قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} [محمد: ٩]

<<  <  ج: ص:  >  >>