للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدنيا إلا الأسماء " (١)

والقول الثاني: الوصل؛ فيقرأ: {إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} ، وعلى هذا فالمراد بالمتشابه المتشابه النسبي، وهذا يعلمه الراسخون في العلم، ويكون عند غيرهم متشابها، ولهذا يروى عن ابن عباس، أنه قال: " أنا من الراسخين في العلم الذي يعلمون تأويله " (٢) ، ولم يقل هذا مدحا لنفسه، أو ثناء عليها، ولكن ليعلم الناس أنه ليس في كتاب الله شيء لا يعرف معناه، فالقرآن معانيه بينة، ولكن بعض القرآن يشتبه على ناس دون آخرين حتى العلماء الراسخون في العلم يختلفون في معنى القرآن، وهذا يدل على أنه خفي على بعضهم، والصواب بلا شك مع أحدهم إذا كان اختلافهم اختلاف تضاد لا تنوع، أما إذا كانت الآية تحتمل المعنيين جميعا بلا منافاة، ولا مرجح لأحدهما؛ فإنها تحمل عليها جميعا.

وبعض أهل العلم يظنون أن في القرآن ما لا يمكن الوصول إلى معناه، فيكون من المتشابه المطلق، ويحملون آيات الصفات على ذلك، وهذا من الخطأ العظيم؛ إذ ليس من المعقول أن يقول تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} [ص:٢٩] ، ثم تستثنى الصفات، وهي أعظم وأشرف موضوعا، وأكثر من آيات الأحكام، ولو قلنا بهذا القول؛ لكان مقتضاه أن أشرف ما في القرآن موضوعا يكون خفيا، ويكون معنى قوله تعالى: {لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} ، أي: آيات الأحكام


(١) ابن حزم في (الفصل) (٢ /١٠٨) - وقال: (هذا سند في غاية الصحة) - وقال المنذري في (الترغيب) (٤/٥٦٠) : (رواه البيهقي موقوفا بإسناد جيد)
(٢) انظر قوله في: (تفسير الطبري) (٣/١٨٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>