للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«ولما سمعت قريش رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يذكر الرحمن؛ أنكروا ذلك، فأنزل الله فيهم: {وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ} [الرعد: ٣٠] (١)

ــ

فقط، وهذا غير معقول، بل جميع القرآن يفهم معناه؛ إذ لا يمكن أن تكون هذه الأمة من رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى آخرها لا تفهم معنى القرآن، وعلى رأيهم يكون الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبو بكر، وعمر، وجميع الصحابة يقرءون آيات الصفات، وهم لا يفهمون معناها، بل هي عندهم بمنزلة الحروف الهجائية: أ، ب، ت. .

والصواب: أنه ليس في القرآن شيء متشابه على جميع الناس من حيث المعنى، ولكن الخطأ في الفهم. فقد يقصر الفهم عن إدراك المعنى، أو يفهمه على معنى خطأ، وأما بالنسبة للحقائق، فما أخبر الله به من أمر الغيب؛ فمتشابه على جميع الناس.

قوله: " ولما سمعت قريش رسول الله يذكر الرحمن ". أصل ذلك «أن سهيل بن عمرو؛ أحد الذين أرسلتهم قريش لمفاوضة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في صلح الحديبية، وأمر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يكتب: " بسم الله الرحمن الرحيم "، فقال: " أما الرحمن، فلا والله ما أدري ما هي؟ وقالوا: إننا لا نعرف رحمانا إلا رحمن اليمامة، فأنكروا الاسم دون المسمى؛ فأنزل الله: {وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ} » ؛ أي: بهذا الاسم من أسماء الله.


(١) ابن جرير الطبري في التفسير (٢٠٣٩٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>