للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجمع بعض العلماء بأن المراد بحديث زيد: من يشهد بشي من حقوق الله تعالى؛ لأن حقوق الله تعالى ليس لها مُطالب، فيؤدي الشهادة من غير أن يسألها، فيكون المراد بهم رجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونحوهم.

وجمع بعضهم بأن المراد بحديث زيد بن خالد أنه كناية عن السرعة بأداء الشهادة، فكأنه لشدة إسراعه يؤديها قبل أن يسألها.

وبعض العلماء رجح حديث عمران؛ لأنه في (الصحيحين) على حديث زيد بن خالد؛ لأنه في (مسلم) .

ولكن إذا أمكن الجمع، فلا يجوز الترجيح؛ لأن مقتضاه إلغاء أحد النصين، والجمع هنا ممكن كما تقدم.

قوله: (يخونون ولا يؤتمنون) . هذا هو الوصف الثاني لهم، أي: أنهم أهل خيانة وليسوا أهل أمانة، فلا يأتمنهم الناس، وليس المعنى أن تقع منهم الخيانة بعد الائتمان حتى يقال: لماذا لم يقل: يؤتمنون ويخونون؟ فكأن الخيانة طبيعة لهم، فلخيانتهم لا يؤتمنون.

الخيانة: الغدر والخداع في موضع الائتمان، وهي من الصفات المذمومة بكل حال.

وأما المكر والخديعة، فهي مذمومة في حال دون حال، فقد تكون محمودة إذا كانت في مقاتلة عدو ماكر خادع لدلالتها على القوة والإيقاع بالعدو من حيث لا يشعر، ولهذا يوصف الله - سبحانه وتعالى - بالمكر والخداع في الحال التي يكون فيها مدحا، قال تعالى: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} (الأنفال:٣٠) وقال تعالى: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} (النساء:١٤٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>