للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى: (وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ) (١) فإذا كانوا يطبخون اللحم المباح لنا على الصفة التي يتمتعون بها كان اللحم حلالاً لنا، أما إذا كان ما يتمتعون به حراماً علينا كالخنزير كان حراما علينا فليس كل ما كان للكفار يكون حراما علينا.

وقولكم " إن قولنا يستلزم إبطال القياس وهو مجمع عليه إذا ظهرت العلة ولم يصادم نصا ".

فأرجو منكم أن تراجعوا كتب أصول الفقه وتحققوا هل القياس مجمع عليه كما ذكرتم أو أن فيه خلافا ليتبين لكم مدى دعوى الإجماع. ثم إن القياس عندنا دليل قائم لكن بشرط تساوي الأصل والفرع في علة الحكم، وهنا لا يتساوى الفرع والأصل في علة الحكم إذ في الأصل من ظهور الفخر والخيلاء وكثرة الملابسة والاستعمال ما ليس في الفرع.

واما احتجاجنا بفعل أم سلمة - رضي الله عنها - فإنا لا نقصد به معارضة الحديث، لأن الحديث وارد في شيء غير ما فعلته أم سلمة، فالحديث في الأكل والشرب وفعل أم سلمة في غيرهما لكن فعلها كالتفسير للحديث، لأنها قد روت الوعيد على من شرب في إناء الفضة واتخذت الجلجل منها كما في صحيح البخاري، والصحابي أقرب منا إلى فهم مراد النبي صلى الله عليه وسلم، وفعلها يدل على أنها فهمت أن التحريم بل الوعيد خاص في الشرب وما فهمته - رضي الله عنها - هو الصواب عندنا ويدل لذلك أنه لو كان استعمال إناء الذهب والفضة محرماً على كل حال لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بكسره لأنه لا يجوز إقراره المنكر، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ينقض ما فيه الصليب أو يقضبه.


(١) .سورة المائدة، الآية: ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>