الترك لكان إلزامه بقضاء ما فاته لهذه المصلحة قولاً حسناً كما قال الجمهور.
٢- وعن الدليل الثاني: أنا لا نسلم أن من تمام التوبة قضاء ما فاته بعد خروج وقته بل تصح توبته وإن لم يقض، لأنه فات وقته، وقد أخبر الله تعالى عمن تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً بأنه تعالى يبدل سيئاته حسنات وكان الله غفوراً رحيماً.
وأيضاً فإن عدم إلزامه بالقضاء قد يكون أقرب إلى تحقيق توبته وتمامها؛ لأنه يجد الباب أمامه مفتوحاً والطريق سهلاً فيتشوق إلى التوبة ويفرح بها ويراها نعمة من الله عليه أن يسر له التوبة وسهلها من غير تعب ولا مشقة، وإذا قدر أن همته كبيرة وعزيمته قوية وأنه سيقدم على قضاء ما فاته فربما تصغر همته وتضعف عزيمته بعد الشروع في القضاء خصوصاً إذا كثرت الفوائت، وكثرت الشواغل فتثقل عليه التوبة وينغلق عليه بابها.
إذن فالقول بعدم وجوب قضاء ما فاته أقرب إلى تمام التوبة وتحقيقها من القول بوجوب القضاء.
وأما قياس ذلك على من عليه دين فأنكره ثم تاب فإنها لا تصح توبته حتى يقضيه: فهذا قياس فاسد غير صحيح لأن قضاء الدين ليس لوقته آخر متى قضاه بريء منه، بخلاف الصلاة فإن وقتها محدود ابتداء ونهاية والقياس الصحيح أن نقول: كما أن الجمعة إذا أخرها الناس حتى خروج وقتها فإنها لا تصح منهم جمعة فكذلك بقية الصلوات؛ لأن الكل مؤقت بوقت ولا دليل للتفريق بين الجمعة وغيرها.
٣- وعن الدليل الثالث: أت المعذور بنوم أو نسيان حتى خرج وقت الصلاة يصليها متى زال عذره؛ لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جعل حقها في وقت المعذور هو وقت زوال عذره، فالمعذور إذا صلى الصلاة حين زوال