للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تكبيرة الإحرام، فلا تصح صلاته، لأنه ابتدأها قبل دخول الوقت، ولو أن أحداً أخر الصلاة عن وقتها بلا عذر شرعي، فلا تصح صلاته، كما لو تعمد رجل أن لا يصلي الفجر إلا بعد طلوع الشمس وصلى الفجر، فإن الصلاة لا تقبل منه ولا يشرع له قضاؤها، لأنه لا فائدة له من القضاء، وعليه التوبة إلى الله، عز وجل – فإن التوبة تجب ما قبلها وهذا الكلام مبني على قاعدة مؤسسة على دليل وهي: ((كل عبادة مؤقتة إذا فعلها الإنسان في غير وقتها سواء قبله أو بعده فإنها لا تصح ولا تقبل منه)) ، لأن الله أمر بجعلها في هذا الوقت – ما بين الوقتين أول الوقت وآخره، فإذا أخرتها عن الوقت أو قدمتها على الوقت، فإنك حينئذ لم تكن قد فعلت ما أمرت به، وقد قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) (١) . وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – أن الإنسان إذا تعمد تأخير الصلاة عن وقتها لم تقبل منه، وإن صلاها ألف مرة.

بخلاف من أخرها عن وقتها لعذر، فقد قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك)) (٢) . ولهذا لما نام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن صلاة الصبح في أحد أسفاره، فلم يستيقظ إلا بعد ارتفاع الشمس، أمر بلال فأذن ثم صليت النافلة، ثم صليت الفريضة، فصلى بهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جماعة (٣) ، لأنه إنما يقضي شيئاً فائتاً فيقضيه على صفته.


(١) تقدم تخريجه ص ٢١.
(٢) تقدم تخريجه ص ١٦.
(٣) تقدم تخريجه ص ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>