للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر نحو ذلك تلميذه ابن القيم في زاد المعاد ٣٠/ ٣ وأن في حمله على أنه لم يجمع الإقامة نظراً لا يخفى.

فإذا تبين ضعف القول بتحديد المدة التي ينقطع بها حكم السفر بأربعة أيام أو نحوها فإن أي مدة تزيد على ذلك في تحديد مدة الإقامة التي تمنع الترخص برخص السفر تحتاج إلى دليل، فإذا قال قائل: إذا نوى إقامة شهر أتم، وإن نوى دون ذلك قصر، قيل: ما دليلك على ما قلت؟ وإذا قال آخر: إذا نوى إقامة سنة أتم، وإن نوى دون ذلك قصر، قيل له اين الدليل لما قلت؟ وهكذا.

وحينئذ يكون مناط الحكم هو المعنى والوصف فما دام الإنسان مسافراً مفارقاً لوطنه فأحكام السفر في حقه باقيه ما لم يقطعه باستيطان أو إقامة مطلقه، وأنت لو سألت المغتربين من أصحاب هذه الحال هل نويتم الاستيطان، أو الإقامة المطلقه لقالوا: لا، وإنما ننتظر انتهاء مهمتنا، فمتى انتهت رجعنا إلى أوطاننا سواء انتهت في الوقت المقرر، أم قبله، فليس لنا غرض في الإقامة في هذا المكان أو البلد وإنما غرضنا الأول والأخير الحصول على مهمتنا، فهم متشابهون في القصد لأصحاب الحال الثانية، وإن كانوا يختلفون عنهم بتحديد مدة الإقامة التي قد علن بمقتضى الأدلة السابقة أنها ليست مناط الحكم، ولهذا جعل شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ الحكم فيهما واحداً كما نقله عنه تلميذه ابن مفلح في كتاب الفروع.

وبهذا يتبين لك الفرق بين أصحاب هذه الحال والحال الأولى، لأن أصحاب هذه الحال لم ينووا الإقامة إلا لهذا الغرض،

<<  <  ج: ص:  >  >>