للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الثاني: كراهية الله - سبحانه - للكفر مع إرادته له

:

إذا كان الله - سبحانه وتعالى - يكره الكفر فكيف يريده مع أنه لا أحد يُكْرِه الله - عز وجل -؟ فالجواب: أن المراد نوعان:

النوع الأول: مراد لذاته: وهو المحبوب، فالشيء المحبوب يريده من يريده لذاته كالإيمان، فالإيمان مراد لله كونا وشرعا؛ لأنه مراد لذاته.

النوع الثاني: المراد لغيره بمعنى أن الله تعالى يقدره لا لأنه يحبه، ولكن لما يترتب عليه من المصالح فهو مراد لغيره، فيكون من هذه الناحية مشتملا على الحكمة وليس فيه إكراه.

مثال ذلك: الكفر مكروه لله - عز وجل - ولكن الله يقدره على العباد؛ لأنه لولا الكفر لم يتميز المؤمن من الكافر، ولم يكن المؤمن محلا للثناء؛ لأن كل الناس مؤمنون، وأيضا لو لم يقع الكفر فلم يكن هناك جهاد فمن يجاهد المؤمن إذن، ولو لم يقع الكفر ما عرف المؤمن قدر نعمة الله عليه بالإسلام، ولو لم يقع الكفر، وكان الناس كلهم مسلمين ما كان للإسلام فضل، ولا ظهر له فضل، ولو لم يقع الكفر لكان خلق النار عبثا وقد أشار الله تعالى إلى هذا المعنى في قوله: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} ، فتبين أن المراد الكوني - الذي يكون مكروها لله - يكون مرادا لغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>