وقوله: "والله ورسوله بريئان" يريد أن الله تعالى ورسوله - صلَّى الله عليه وسلم - لم يتركا شيئاً لم يبيناه في الكتاب أو في السنة، ولم يرشدا إلى صواب الحق فيه إما نصاً وإما دلالة. وقال الترمذي: والعمل على هذا (أي هذا الحديث الذي فيه أن المرأة تستحق بموت زوجها بعد العقد قبل فرض الصداق جميع المهر، وإن لم يقع منه دخول ولا خلوة) عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وغيرهم، وبه يقول الثوري وأحمد وإسحاق (وهو قول أبي حنيفة وأصحابه) وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، منهم علي بن أي طالب، وزيد بن ثابت، وابن عباس، وابن عمر: إذا تزوج الرجل المرأة، ولم يدخل بها، ولم يفرض لها صداقاً حتى مات، قالوا: لها الميراث، ولا صداق لها وعليها العدة، وهو قول الشافعي، وقال: لو ثبت حديث بروع بنت واشق لكانت الحجة فيما رُوي عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، وروي عن الشافعي أنه رجع بمصر عن هذا القول وقال بحديث بروع بنت واشق. قلنا: وجاء في "الأم": إن كان ثبت عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فهو أولى الأمور بنا ولا حجة في قول أحد دون رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - وإن كثروا، ولا في قياس، فلا شيء في قوله إلا طاعة الله بالتسليم له. وروى الحاكم في "المستدرك" ٢/ ٥٣٥ عن حرملة بن يحيي أنه قال: سمعت الشافعي يقول: إن صح حديث بروع بنت واشق قلت به، قال الحاكم: قال شيخنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ: لو حضرت الشافعي، لقلتُ على رؤوس الناس، وقلت له: قد صح الحديث. (١) ذكر المزي في "تحفة الأشراف" ٧/ ٣٢١ أن حديث محمد بن المثنى في رواية أبي الحسن بن العبد.