أحدها: أن سالم بن عبد الله لما بلغه أن نافعاً تحدث بذلك عن ابن عمر، قال: كذب العبد إنما قال عبد الله: يؤتون في فروجهن من أدبارهن. وأما أصحاب مالك، فينكرون صحته عن مالك، والثاني: أن أبا هريرة روى عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أنه قال: "ملعون من أتى النساء في أدبارهن"، فدل على أن الآية لا يراد بها هذا. والثالث: أن الآية نبهت على أن محل الولد بقوله: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ} وموضع الزرع: هو مكان الولد. قال ابن الأنباري: لما نص الله على ذكر الحرث، والحرث به يكون النبات، والولد مُشبَّه بالنبات لم يجز أن يقع الوطء في محل لا يكون منه ولد. قلنا: وسبب النزول الثابت عنه - صلَّى الله عليه وسلم - المخرج في "الصحيحين" و"سنن أبي داود" وابن أبي حاتم وغيرهم من حديث جابر بن عبد الله قال: كانت اليهود تقول: إذا أتى الرجل امرأته من دبرها في قبلها، كان الوليد أحول، فنزلت: نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "مقبلة ومدبرة إذا كان ذلك في الفرج" فهذا بيان في المعنى المراد من قوله تعالى: {أَنَّى شِئْتُمْ} صادر مما أنزل الله إليه الذكر ليبين للناس ما نزل إليهم، ولا يسع المؤمن الذي ارتضى الله رباً، والإسلام دينا، ومحمداً رسولاً إلا أن يقبل به، وينتهي إليه ويلغي فهمه ويطرح هواه. وانظر لزاماً "تفسير المنار" ٢/ ٣٦١ - ٣٦٣.