وقال أبو حنيفة وأصحابه والثوري والشافعي وإسحاق بن راهويه: لا يقاد بالقسامة إنما تجب الدية. وروي ذلك عن ابن عباس رضي الله عنه والحسن البصري وإبراهيم النخعي. وقد روي أيضاً عن النخعي أنه قال: القسامة جور، شاهدان يشهدان؟! وكان الحَكَمُ لا يرى القسامة شيئاً. قلت: وتأويل هؤلاء قوله: "وتستحقون دم صاحبكم" أي: دية صاحبكم؛ لأنهم يأخذونها بسبب الدم، فصلح أن يسمى ذلك دماً. وقد روي من غير هذا الطريق: "إما أن يدوا صاحبكم، وإما أن يؤذنوا بحرب"، فدل ذلك صحة هذه التأويل. قلت: ويشبه أن يكون إنما وداه رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - من قِبَلِه للعهد الذي كان جعله لليهود فلم يحب أن يبطله ولم يحب أن يهدر دم القتيل، فوداه من قبله وتحملها للإصلاح بينهم.