للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا أقوال السلف الصالح بل بشبه واهية هم فيها متناقضون مضطربون، إذ لو كان المراد خلاف ظاهرها لبينه الله - تعالى - ورسوله ولو كان ظاهرها اللائق بالله ممتنعًا على الله - تعالى - لكان في الكتاب، والسنة من وصف الله - تعالى - بما يمتنع عليه ما لا يحصى إلا بكلفة وهذا من أكبر المحال.

المثال الثاني عشر: ذكر فضيلتكم قول الله - عز وجل -: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ} . أننا نأبى أن نفهم من هذه الآية أن الله خلق الأنعام (الإبل والبقر والغنم) بيده حقيقة.

وكأنكم تريدون أن تدخلوا هذه الآية في ضمن ما أوله السلف وهذا غير صحيح فإن الآية الكريمة ليس فيها ما يدل على أن خلق هذه الأنعام بيده، بل صريح الآية أن الله - تعالى - هو الذي خلقها {خَلَقْنَا لَهُمْ} ولم يقل بيده بل قال: {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} ولو كان المراد أن الله خلقها بيده لقال: " خلقنا لهم بأيدينا ". كما قال في آدم: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} . والعمل يضاف إلى اليد في اللغة والمراد بها صاحب اليد.

أرأيت قول الله - تعالى -: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} . وقوله: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} . فإن المراد بما كسب الإنسان نفسه وإن عمله بغير يده، بخلاف ما إذا قيل: " عملته بيدي " ونحوه فإنه يدل على أن اليد هي التي حصل بها الفعل.

<<  <  ج: ص:  >  >>