للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المفهومة من سياقه لم يكن تفسيره بذلك تأويلا ولا صرفًا له عن ظاهره والله أعلم.

المثال الحادي عشر: ذكر فضيلتكم الحديث القدسي بلفظ: ابن آدم مرضت فلم تعدني، استطعمتك فلم تطعمني، استسقيتك فلم تسقني.

وهذا الحديث رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: «إن الله عز وجل يقول يوم القيامة: يا ابن آدم مرضت فلم تعدني، قال: يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أن عبدي فلانًا مرض فلم تعده، أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده» وذكر تمام الحديث رقم ٤٣ من كتاب البر والصلة والآداب ص ١٩٩٠.

وهو حديث صحيح أخذ به السلف ولم يصرفوه عن ظاهره بتأويل يتخبطون فيه بأهوائهم، وإنما فسروه بما فسره الله - تعالى - به حيث قال: «أما علمت أن عبدي فلانًا مرض» . إلخ. وقال في الإطعام: «أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه، أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي» . وقال في الإسقاء: «استسقاك عبدي فلان فلم تسقه، أما إنك لو سقيته لوجدت ذلك عندي» . وهو صريح في أن المراد مرض عبد من عباد الله، واستطعام عبد من عباد الله، واستسقاء عبد من عباد الله، والذي فسره بذلك هو الله - تعالى - الذي تكلم به، وهو أعلم بمراده، فإذا فسر بما فسره به الله - تعالى - لم يكن في ذلك صرف له عن ظاهره ولا تأويل كما لو تكلم الله - تعالى - بالمعنى ابتداء.

وهذا الحديث من أكبر الحجج الدامغة لأهل التأويل الذين صرفوا نصوص الصفات عن ظاهرها بلا دليل من كتاب الله، ولا سنة رسوله،

<<  <  ج: ص:  >  >>