للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} . وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ينزل ربنا إلى السماء الدنيا» . وقوله في هذا الحديث: «من تقرب إلي شبرًا تقربت إليه ذراعًا.. وإن أتاني يمشي أتيته هرولة» . هو من هذا الباب وكلها أفعال متعلقة بمشيئته كما قال تعالى: {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} . وقال: {وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} . لكن أفعاله كسائر صفاته لا تكيف ولا تمثل بالمخلوقين.

وعلى هذا فنؤمن بأن الله - تعالى - يتقرب من عبده المتقرب إليه كما يشاء ويأتي هرولة لمن أتى إليه يمشي كما يشاء من غير تكييف ولا تمثيل وليس في ذلك ما ينافي كمال الله عز وجل.

وذهب بعض العلماء من أهل السنة إلى أن قوله: «أتيته هرولة» يراد به سرعة قبول الله - تعالى - وإقباله على العبد المتقرب إليه المتوجه بقلبه وجوراحه إلى ربه وقال: إن هذا هو ظاهر اللفظ بدليل أن الله - تعالى - قال: «ومن أتاني يمشي» . ومن المعلوم أن طالب الوصول إلى الله لا يطلبه بالمشي فقط بل يطلبه تارة بالمشي كالسير إلى المساجد، والمشاعر، والجهاد، ونحوها، وتارة بالركوع والسجود ونحوهما، فعلم بذلك أن المراد بذلك كيفية طلب الوصول إلى الله تعالى، وأن الله - تعالى - يجازي الطالب بأعظم من عمله وأفضل. وإذا كان هذا ظاهر اللفظ بالقرينة الشرعية

<<  <  ج: ص:  >  >>