للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قتالا، لكن الله عز وجل بحكمته جمع بينهم وبين عدوهم.

فلما سمع أبو سفيان بذلك، وأن الرسول عليه الصلاة والسلام خرج إليه لتلقي العير، أخذ بساحل البحر، وأرسل صارخا إلى أهل مكة يستنجدهم، فانتدب أهل مكة لذلك، وخرجوا بأشراف وكبرائهم وزعمائهم، خرجوا على الوصف الذي ذكر الله عز وجل: {بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [الأنفال: ٤٧] .

وفي أثناء ذلك جاءهم الخبر أن أبا سفيان نجا بالعير، فتآمروا بينهم في الرجوع، لكن أبا جهل قال: والله، لا نرجع حتى نقدم بدرا، فنقيم فيها ننحر الجزور، ونسقي الخمور، وتضرب علينا القيان، وتسمع بنا العرب، فلا يزالون يهابوننا أبدا.

وهذا الكلام يدل على الفخر والخيلاء والاعتزاز بالنفس، ولكن ولله الحمد كان الأمر على عكس ما يقول، سمعت العرب بهزيمتهم النكراء فهانوا في نفوس العرب.

قدموا بدرا، والتقت الطائفتان، وأوحى الله تعالى إلى الملائكة: {أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ} [الأنفال: ١٢ - ١٤] .

حصل اللقاء بين الطائفتين، وكانت الهزيمة - ولله الحمد - على المشركين، والنصر المبين للمؤمنين، انتصروا، وأسروا منهم سبعين رجلا، وقتلوا سبعين رجلا، منهم أربعة وعشرون رجلا من كبرائهم وصناديدهم، سحبوا، فألقوا في قليب من قلب بدر خبيثة قبيحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>