«العقوبة في الدنيا، وإذا أراد بعبده الشر أمسك عنه بذنبه، حتى يوافي به يوم القيامة» . (١)
ــ
" والشر ليس إليك "، ومن أراد الشر لذاته كان إليه، ولكن الله يريد الشر لحكمة، وحينئذ يكون خيرا باعتبار ما يتضمنه من الحكمة.
قوله:" عجل له بالعقوبة في الدنيا ". العقوبة: مؤاخذة المجرم بذنبه، وسميت بذلك؛ لأنها تعقب الذنب، ولكنها لا تقال إلا في المؤاخذة على الشر.
وقوله:" عجل له العقوبة في الدنيا ". كان ذلك خيرا من تأخيرها للآخرة؛ لأنه يزول وينتهي، ولهذا قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للمتلاعنين:«إن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة» .
وهناك خير أولى من ذلك، وهو العفو عن الذنب، وهذا أعلى؛ لأن الله إذا لم يعاقبه في الدنيا ولا في الآخرة، فهذا هو الخير كله، ولكن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جعل تعجيل العقوبة خيرا باعتبار أن تأخر العقوبة إلى الآخرة أشد؛ كما قال تعالى {وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى}[طه: ١٢٧] .
والعقوبة أنواع كثيرة:
منها: ما يتعلق بالدين، وهي أشدها؛ لأن العقوبات الحسية قد ينتبه لها الإنسان، أما هذه، فلا ينتبه لها إلا من وفقه الله، وذلك كما لو خفت المعصية
(١) الترمذي: كتاب الزهد / باب ما جاء في الصبر على البلاء، والحاكم في (المستدرك) (٤/٦٥١) ، والبيهقي في (السماء والصفات) (١٥٤) ، والبغوي في (شرح السنة) (٥/٢٤٥) .