للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالمصائب؛ لئلا يجزع، فإن ذلك قد يكون خيرا، وعذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، فيحمد الله أنه لم يؤخر عقوبته إلى الآخرة.

وعلى فرض أن أحدا لم يأت بخطيئة وأصابته مصيبة؛ فنقول له: إن هذا من باب امتحان الإنسان على الصبر، ورفع درجاته باحتساب الأجر، لكن لا يجوز للإنسان إذا أصيب بمصيبة، وهو يرى أنه لم يخطئ أن يقول: أنا لم أُخطئ؛ فهذه تزكية، فلو فرضنا أن أحدا لم يصب ذنبا وأصيب بمصيبة؛ فإن هذه المصيبة لا تلاقي ذنبا تكفره، لكنها تلاقي قلبا تمحصه، فيبتلي الله الإنسان بالمصائب؛ لينظر هل يصبر أم لا؟ ولهذا كان أخشى الناس لله -عز وجل- وأتقاهم محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، يوعك كما يوعك رجلان منا وذلك لينال أعلى درجات الصبر، فينال مرتبة الصابرين على أعلى وجوهها، «ولذلك شدد عليه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عند النزع، ومع هذه الشدة كان ثابت القلب، ودخل عليه عبد الرحمن بن أبي بكر وهو يستاك، فأمده بصره (يعني: ينظر إليه) ، فعرفت عائشة - رضي الله عنها - أنه يريد السواك، فقالت: آخذه لك؟ فأشار برأسه نعم، فأخذت السواك، وقضمته، وألانته للرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأعطته إياه، فاستن به، قالت عائشة: ما رأيته استن استنانا أحسن منه، ثم رفع يده، وقال: " في الرفيق الأعلى» .

فانظر إلى هذا الثبات واليقين، والصبر العظيم مع هذه الشدة العظيمة، كل هذا لأجل أن يصل الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -أعلى درجات الصابرين، صبر لله، وصبر

<<  <  ج: ص:  >  >>