للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قوله (خير أمتي) . فإنه يقال: إن الخيرية إذا كانت مضافة إلى عموم الناس دخل فيها هذه الأمة، لكن إذا خصصناها بهذه الأمة خرج بقية الناس، والأخذ بالعموم الداخل فيه الخاص أولى، وقد يقال: إن معنى اللفظين واحد، فإن هذه الأمة خير الأمم، فإذا كان الصحابة خير قرونها لزم أن يكونوا خير الناس.

والقرن مأخوذ من الاقتران، والمراد: الطائفة المقترنون بشيء من الأشياء، كالملة، أو ما أشبه ذلك.

فمن العلماء من عَرّفه: بالطائفة كما سبق، ومنهم من عرفه بالزمن، وهؤلاء اختلفوا فيه على أقوال:

فمنهم من حده بأربعين، ومنهم من حده بثمانين، ومنهم من حده بمئة، ومنهم من حده بمئة وعشرين سنة.

فعلى الأول يكون معنى: (خير أمتي قرني) : خير أمتي الصحابة، سواء بلغوا مئة سنة أم لا، والمعروف أن آخر من مات من الصحابة مات سنة مئة وعشرة أو مئة وعشرين، فهذه المدة زائدة على المئة، وإذا اعتبرناها من البعثة تكون مئة وثلاثا وثلاثين سنة؛ لأن التقويم مبتدأ من الهجرة، والهجرة كانت بعد البعثة بثلاث عشر سنة، وهذا القرن الأول، أما التابعون، فإن آخرهم مات سنة مئة وثمانين، فيكون بينهم وبين الصحابة ستون سنة، وأما تابعو التابعين، فإن آخرهم مات سنة مئتين وعشرين، وهذا منتهى القرن الثالث.

فقرن الصحابة إن ابتدأته من البعثة صار ثلاثا وثلاثين ومئة سنة، وإن ابتدأته من الهجرة صار عشرين ومئة سنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>