للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه بمعنى المحبة، فإذا كانت بمعنى المحبة فهي الإرادة الشرعية، وإذا كانت بمعنى المشيئة فهي الإرادة الكونية.

وإذا كانت الإرادة شرعية وهي التي تكون بمعنى المحبة، فإنه لا يلزم منها وقوع المراد مثل قوله تعالى: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ} ، فهذه إرادة شرعية بمعنى المحبة، لأنها لو كانت بمعنى المشيئة لوقعت التوبة على جميع الناس، ونحن نشاهد أن من الناس من يتوب ومنهم من لا يتوب.

وأما الإرادة الكونية التي بمعنى المشيئة فيلزم فيها وقوع المراد، فإذا أراد الله شيئا كونا وقع ولا بد وهذه الإرادة كالمشيئة، تكون فيما يحبه وفيما لا يحبه، لكن إذا أراد الله شيئا بهذا المعنى وقع ولا بد، مثل قوله تعالى: {وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} . فإنه كقوله: {وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} ، سواء بسواء ومثل قوله: {إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ} ، فإنها بمعنى يشاء أن يغويكم، وليست بمعنى يحب أن يغويكم؛ لأن الله تعالى لا يحب أن يغوي عباده.

ويمكن أن تتفق الإرادتان - الشرعية والكونية - في حادث واحد، مثل إيمان أبي بكر فهذا مراد لله شرعا وكونا؛ لأن الله يحبه فهو مراد له شرعا، ولأنه وقع فهو مراد له كونا.

وتنتفي الإرادتان مثل (كفر المؤمن) فهو غير مراد لله شرعا؛ لأنه يكرهه، وغير مراد لله كونا؛ لأنه لم يقع.

ومثال الإرادة الكونية دون الشرعية مثل (كفر أبي جهل وأبي لهب) ، فقد

<<  <  ج: ص:  >  >>