للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(خ م حم) , وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (" مَنْ رَاءَى , رَاءَى اللهُ بِهِ) (١) (وَمَنْ سَمَّعَ النَّاسَ بِعَمَلِهِ , سَمَّعَ اللهُ بِهِ سَامِعَ خَلْقِهِ , وَصَغَّرَهُ وَحَقَّرَهُ) (٢) (يَوْمَ الْقِيَامَةِ ") (٣)

الشرح (٤)


(١) (م) ٢٩٨٦ , (خ) ٦١٣٤
(٢) (حم) ٦٥٠٩ , (م) ٢٩٨٦ , وقال شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح
(٣) (خ) ٦٧٣٣
(٤) الْمُسَمِّعُ بِعَمَلِهِ: الْمُرَائِي بِهِ، يُظْهِرُ لِلنَّاسِ وَجَاهًا فِيهِمْ , وَرُتْبَةً عِنْدَهُمْ، يُرِيهِمْ أَنَّهُ للهِ عَابِدٌ , وَلَهُ طَائِعٌ , إِرَادَةَ رِفْعَةٍ فِيهِمْ، فَهُوَ إِنَّمَا يُرَائِي بِهِ الصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِ اللهِ الَّذِينَ يَعْظُمُ فِي أَعْيُنِهِمْ مَنْ يُطِيعُ اللهَ، وَيُرِيدُونَ أَنْ يَكُونُوا مُطِيعِينَ للهِ مُتَعَبِّدِينَ لَهُ، وَاللهُ - عز وجل - إِنَّمَا أَرَادَ مِنْ عِبَادِهِ إِخْلاصَ الْعَمَلِ لَهُ، وَأَنْ لَا يُرِيدُوا بِأَعْمَالِهِمْ إِلَّا اللهَ وَحْدَهُ
وَلَا تَكُونَ أَغْرَاضُهُمْ فِي أَفْعَالِهِمْ إِلَّا رِضَاءَ اللهِ وَالدَّارَ الْآخِرَةِ، فَإِذَا صَرَفُوا إِرَادَتَهُمْ بِأَعْمَالِهِمْ إِلَى غَيْرِ اللهِ بِإِظْهَارِ صَالِحِهَا لَهُمْ , وَمُرَاءَاتِهِمْ بِهَا لِيَعْظُمُوا بِهَا فِي أَعْيُنِهِمْ , وَيَجِلَّ عِنْدَهُمْ أَقْدَارُهُمْ، قَلَبَ اللهُ عَلَيْهِمْ، فَأَظْهَرَ لِلْخَلْقِ مَسَاوِئَ أَعْمَالِهِمُ الَّتِي يُخْفُونَهَا عَنْهُمْ، وَيَسْتُرُونَهَا مِنْهُمْ، مِمَّا عَلِمَ اللهُ مِنْهُمْ وَسَتَرَهَا عَلَيْهِمْ، فَيُبْدِيهَا لِسَائِرِ خَلْقِهِ مِنْ آدَمِيٍّ وَمَلَكٍ , وَسَائِرِ خَلْقِ اللهِ، فَيُبْغِضُونَهُمْ عَلَيْهَا وَتَزْدَرِيهِمْ أَعْيُنُهُمْ، وَتَقْصُرُ أَقْدَارُهُمْ عِنْدَهُمْ، وَيَحْقُرُونَهُمْ , وَيَمْقُتُونَهُمْ عَلَى أَعْمَالِهِمْ، فَيُفْتَضَحُونَ عِنْدَهُمْ، وَيُنْتَهَكُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ، فَيَفُوتُهُمْ مَا قَصَدُوهُ، وَيُقْلَبُ عَلَيْهِمْ مَا أَرَادُوهُ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: مَنْ رَاءَى النَّاسَ بِمَحَاسِنِهِ وَأَظْهَرَ لَهُمْ صَالِحَ أَعْمَالِهِ، أَظْهَرَ اللهُ لَهُمْ مَسَاوِئَهَا مِنْهَا، فَيَفُوتُهُ مَا يُرِيدُ , وَيَبْطُلُ مَحَاسِنُهَا , فَلَا يُثَابُ عَلَيْهَا , وَلَا يُدْرِكُ مَا يُرِيدُ، بَلْ يُفْتَضَحُ وَيَصْغُرُ وَيَحْقُرُ، نَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الْخِذْلانِ. بحر الفوائد للكلأباذي (١/ ٣٢٢)