للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْأَلْفَاظُ الْمَنْهِيُّ عَنْهَا (الْمَنَاهِي اللَّفْظِيَّة)

قَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا , وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا , وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (١)} (٢)

(هق) , وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَكَلَّمَهُ فِى بَعْضِ الأَمْرِ , فَقَالَ الرَّجُلُ لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: مَا شَاءَ اللهُ وَشِئْتَ , فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " أَجَعَلْتَنِي لِلهِ عِدْلًا؟ , بَلْ مَا شَاءَ اللهُ وَحْدَهُ " (٣)


(١) {رَاعِنَا}: مِنْ أَرْعِنَا سَمْعَكَ، أي: فرِّغْهُ لِكلامنا، وَجْهُ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ كَانَ بِلِسَانِ الْيَهُودِ سَبًّا , قِيلَ: إِنَّهُ فِي لُغَتِهِمْ بِمَعْنَى اسْمَعْ لَا سَمِعْتَ , وَقِيلَ: غَيْرُ ذَلِكَ، فَلَمَّا سَمِعُوا الْمُسْلِمِينَ يَقُولُونَ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: " رَاعِنَا " , طَلَبًا مِنْهُ أَنْ يُرَاعِيَهُمْ , مِنَ الْمُرَاعَاةِ , اغْتَنَمُوا الْفُرْصَةَ، وَكَانُوا يَقُولُونَ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - كَذَلِكَ , مُظْهِرِينَ أَنَّهُمْ يُرِيدُونَ الْمَعْنَى الْعَرَبِيَّ، مُبْطِنِينَ أَنَّهُمْ يَقْصِدُونَ السَّبَّ , الذي مَعْنَى هَذَا اللَّفْظِ فِي لُغَتِهِمْ.
وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي تَجَنُّبُ الْأَلْفَاظِ الْمُحْتَمِلَةِ لِلسَّبِّ وَالنَّقْصِ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدِ الْمُتَكَلِّمُ بِهَا ذَلِكَ الْمَعْنَى الْمُفِيدَ لِلشَّتْمِ، سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ , وَدَفْعًا لِلْوَسِيلَةِ، وَقَطْعًا لِمَادَّةِ الْمَفْسَدَةِ , وَالتَّطَرُّقِ إِلَيْهِ.
ثُمَّ أَمَرَهُمُ اللهُ بِأَنْ يُخَاطِبُوا النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - بِمَا لَا يَحْتَمِلُ النَّقْصَ , وَلَا يَصْلُحُ لِلتَّعْرِيضِ فَقَالَ: {وَقُولُوا انْظُرْنَا} أَيْ: أَقْبِلْ عَلَيْنَا , وَانْظُرْ إِلَيْنَا. فتح القدير للشوكاني (١/ ١٤٥)
(٢) [البقرة: ١٠٤]
(٣) (هق) ٥٦٠٣ , (خد) ٧٨٣ , (ن) ١٠٨٢٥ , (حم) ١٨٣٩ , انظر الصَّحِيحَة: ١٣٩
ثم قال الألباني: وفي هذه الأحاديث دليل أن قول الرجل لغيره: " ما شاءُ اللهُ وشِئتَ " يُعتَبر شِركا في نظر الشارع، وهو من شِرك الألفاظ , لأنه يُوهم أن مشيئةَ العبد في درجة مشيئة الرب سبحانه وتعالى، وسببه: القَرْنُ بين المشيئتين , ومثل ذلك قول بعض العامة , وأشباههم ممن يدَّعي العلم: ما لي غير الله وأنت , وتوكلنا على الله وعليك , ومثله قول بعض المحاضرين: باسم الله والوطن , أو: باسم الله والشعب , ونحو ذلك من الألفاظ الشركية التي يجب الانتهاء عنها: والتوبة منها , أدَبًا مع الله تبارك وتعالى. أ. هـ