للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْبَابُ السَّادِس: التَّطْهِير مِنْ النَّجَاسَات

تَعْرِيف اَلنَّجَاسَة

النَّجَسُ بِفَتْحَتَيْنِ: مَصْدَرُ نَجُسَ الشَّيْءُ نَجَسًا، ثُمَّ اسْتُعْمِلَ اسْمًا لِكُلِّ مُسْتَقْذَرٍ، وَالنَّجِسُ بِكَسْرِ الْجِيمِ ضِدُّ الطَّاهِرِ، وَالنَّجَاسَةُ ضِدُّ الطَّهَارَةِ، فَالنَّجَسُ لُغَةً يَعُمُّ الْحَقِيقِيَّ وَالْحُكْمِيَّ، وَعُرْفًا يَخْتَصُّ بِالأَوَّلِ كَالْخُبْثِ. وَإِذَا أَحْدَثَ الإِنْسَانُ وَنُقِضَ وُضُوءُهُ يُقَالُ لَهُ: مُحْدِثٌ، وَلا يُقَالُ لَهُ نَجِسٌ فِي عُرْفِ الشَّارِعِ. أَمَّا الْخُبْثُ فَيَخُصُّ النَّجَاسَةَ الْحَقِيقِيَّةَ كَمَا أَنَّ الْحَدَثَ يَخُصُّ الْحُكْمِيَّةَ، وَالطَّهَارَةُ ارْتِفَاعُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. (١)

النَّجَاسَةُ فِي اللُّغَةِ: الْقَذَارَةُ، يُقَالُ: تَنَجَّسَ الشَّيْءُ: صَارَ نَجِسًا، وَتَلَطَّخَ بِالْقَذِرِ. (٢)

الْخَبَثُ بِفَتْحَتَيْنِ النَّجَسُ، وَإِذَا ذُكِرَ مَعَ الْحَدَثِ يُرَادُ مِنْهُ النَّجَاسَةُ الْحَقِيقِيَّةُ أَيِ الْعَيْنُ الْمُسْتَقْذِرَةُ شَرْعًا، وَمِنْ هُنَا عَرَّفُوا الطَّهَارَةَ بِأَنَّهَا النَّظَافَةُ مِنْ حَدَثٍ أَوْ خَبَثٍ.

وَالْخُبْثُ بِسُكُونِ الْبَاءِ فِي اللُّغَةِ مَصْدَرُ خَبُثَ الشَّيْءُ خُبْثًا ضِدُّ طَابَ، يُقَالُ: شَيْءٌ خَبِيثٌ أَيْ نَجِسٌ أَوْ كَرِيهُ الطَّعْمِ، وَالْخُبْثُ كَذَلِكَ الشَّرُّ وَالْوَصْفُ مِنْهُ الْخُبْثُ وَجَمْعُهُ الْخُبُثُ (٣)، وَمِنْهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ " أَيْ ذُكْرَانِ الشَّيَاطِينِ وَإِنَاثِهِمْ، وَاسْتُعْمِلَ فِي كُلِّ حَرَامٍ

وَالنَّجَاسَةُ فِي الاصْطِلاحِ عَرَّفَهَا الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهَا: مُسْتَقْذِرٌ يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّلاةِ حَيْثُ لا مُرَخِّصَ. (٤)

وَعَرَّفَهَا الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّهَا: صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تُوجِبُ لِمَوْصُوفِهَا مَنْعَ اسْتِبَاحَةِ الصَّلاةِ بِهِ أَوْ فِيهِ. (٥)

وَعَرَّفَهَا الْحنابلة بِأَنَّهَا: كلُّ عَينٍ يَحْرُم تناولُها؛ لا لحرمتها؛ ولا لاستقذارها؛ ولا لضررٍ ببدَنٍ أو عقلٍ.

وإنْ شئت فقل: كلُّ عينٍ يجب التطهُّرُ منها , هكذا حدُّوها. (٦)

فقولنا: «يحرم تناولُها» خرج به المباحُ، فكلُّ مباحٍ تناولُه فهو طاهر.

وقولنا: «لا لضررها» خرج به السُّمُّ وشبهُه، فإنَّه حرام لضرره، وليس بنجس.

وقولنا: «ولا لاستقذارها»: خرج به المخاطُ وشبهُه، فليس بنجس؛ لأنَّه محرَّمٌ لاستقذاره.

وقولنا: «ولا لحرمتها» خرج به الصَّيْدُ في حال الإحرام، والصَّيْدُ داخلَ الحرمِ؛ فإِنه حرام لحرمته.

وزوالُهَا (النجاسة) طهارة، سواءٌ زالت بنفسها، أو زالَت بمُزيل آخر، فيُسمَّى ذلك طهارة.

فمثلاً: إذا فرضنا أن أرضاً نجسة بالبول، ثم جاء المطر وطَهَّرَها، فإِنها تَطْهُرُ بدون إزالةٍ مِنَّا. (٧)


(١) ابن عابدين ١/ ٢٠٥، والمصباح المنير، ومغني المحتاج ١/ ١٧، والحطاب ١/ ٤٥، وكشاف القناع ١/ ٢٨.
(٢) المصباح المنير.
(٣) لسان العرب والمصباح المنير في المادة، وابن عابدين ١/ ٥٧، لسان العرب، وجواهر الإكليل ١/ ٥، والمغني ١/ ١٦٨. والمصباح المنير في المادة، وابن عابدين ١/ ٥٧، والحطاب ١/ ٤٥
(٤) القليوبي على المنهاج ١/ ٦٨، والإقناع للشربيني الخطيب ١/ ١٢٢.
(٥) الشرح الكبير ١/ ٣٢.
(٦) «الإِقناع» (١/ ٦)
(٧) الشرح الممتع على زاد المستقنع (١/ ٢٧ - ٢٦) (بتصرف يسير)