للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْخُطْبَةُ فِي يَوْمِ النَّحْرِ بِمِنَى

(خ م ت د جة حم) , قَالَ جَابِرٌ - رضي الله عنه - فِي صِفَةِ حَجِّهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم -: وَ (قَعَدَ عَلَى بَعِيرِهِ) (١) (يَوْمَ النَّحْرِ بَيْنَ الْجَمَرَاتِ) (٢) (وَأَمْسَكَ إِنْسَانٌ بِخِطَامِهِ أَوْ بِزِمَامِهِ) (٣) (فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ) (٤) (ثُمَّ ذَكَرَ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ فَأَطْنَبَ فِي ذِكْرِهِ , وَقَالَ: مَا بَعَثَ اللهُ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَنْذَرَ أُمَّتَهُ , أَنْذَرَهُ نُوحٌ وَالنَّبِيُّونَ مِنْ بَعْدِهِ , وَإِنَّهُ يَخْرُجُ فِيكُمْ , فَمَا خَفِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ شَأنِهِ , فَلَيْسَ يَخْفَى عَلَيْكُمْ أَنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ) (٥) (بِأَعْوَرَ) (٦) (وَإِنَّهُ أَعْوَرُ عَيْنِ الْيُمْنَى , كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ) (٧) (إِنَّ الزَّمَانَ قَدْ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ (٨) السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا , مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ , ثَلَاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ , وَذُو الْحِجَّةِ , وَالْمُحَرَّمُ , وَرَجَبُ مُضَرَ (٩) الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ) (١٠) (أَتَدْرُونَ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ " , قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ , " فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ , قَالَ: أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ؟ " , قُلْنَا: بَلَى) (١١) (قَالَ: " فَإِنَّ هَذَا يَوْمٌ حَرَامٌ) (١٢) (هَذَا يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ) (١٣) (أَفَتَدْرُونَ أَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟ ") (١٤) (فَقُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ , " فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ , فَقَالَ: أَلَيْسَ ذُو الْحَجَّةِ؟ " , قُلْنَا: بَلَى) (١٥) قَالَ: (" أَفَتَدْرُونَ أَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟ ") (١٦) (قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ , " فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ , قَالَ: أَلَيْسَتْ بِالْبَلْدَةِ الْحَرَامِ؟ " , قُلْنَا: بَلَى) (١٧) (قَالَ: " فَإِنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ دِمَاءَكُمْ , وَأَمْوَالَكُمْ , وَأَعْرَاضَكُم (١٨)) (١٩) (إِلَّا بِحَقِّهَا , كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا , فِي بَلَدِكُمْ هَذَا , فِي شَهْرِكُمْ هَذَا) (٢٠) (إِلَى يَوْمِ تَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ) (٢١) (ثُمَّ أَعَادَهَا مِرَارًا) (٢٢) (أَلَا إِنَّ المُسْلِمَ أَخُو المُسْلِمِ، فَلَيْسَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ إِلَّا مَا أَحَلَّ مِنْ نَفْسِهِ) (٢٣) (وَسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ فَيَسْأَلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ , أَلَا فَلَا تَرْجِعُوا بَعْدِي ضُلَّالًا) (٢٤) وفي رواية: (لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ) (٢٥) (ثُمَّ رَفَعَ رَأسَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ:) (٢٦) (اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ؟ , اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ؟) (٢٧) (- ثَلَاثًا - " , كُلُّ ذَلِكَ يُجِيبُونَهُ: أَلَا نَعَمْ) (٢٨) (قَالَ: " اللَّهُمَّ اشْهَدْ , اللَّهُمَّ اشْهَدْ) (٢٩) (اللَّهُمَّ اشْهَدْ - ثَلَاثًا -) (٣٠) (أَلَا لِيُبْلِغْ الشَّاهِدُ مِنْكُمُ الْغَائِبَ) (٣١) (فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِع (٣٢)) (٣٣) (ثُمَّ وَدَّعَ النَّاسَ " , فَقَالُوا: هَذِهِ حَجَّةُ الْوَدَاعِ (٣٤)) (٣٥)


(١) (م) ٣٠ - (١٦٧٩) , (خ) ٦٧
(٢) (خ) ١٦٥٥ , (د) ١٩٤٥ , (جة) ٣٠٥٨
(٣) (خ) ٦٧ , (م) ٣٠ - (١٦٧٩)
(٤) (ت) ٣٠٨٧ , (خ) ٤١٤١
(٥) (خ) ٤١٤١ , (حم) ٦١٨٥
(٦) (حم) ٦١٨٥ , (خ) ٤١٤١ , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.
(٧) (خ) ٤١٤١
(٨) أَيْ: دَارَ عَلَى التَّرْتِيب الَّذِي اِخْتَارَهُ الله تَعَالَى وَوَضَعَهُ يَوْم خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض،
قَالَ الْإِمَام الْحَافِظ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِم: مَعْنَى هَذَا الْكَلَام أَنَّ الْعَرَب فِي الْجَاهِلِيَّة كَانَتْ قَدْ بَدَّلَتْ أَشْهُر الْحَرَام وَقَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ أَوْقَاتهَا مِنْ أَجْل النَّسِيء الَّذِي كَانُوا يَفْعَلُونَهُ , وَهُوَ مَا ذَكَرَ الله سُبْحَانه فِي كِتَابه فَقَالَ: {إِنَّمَا النَّسِيء زِيَادَة فِي الْكُفْر يُضِلّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا} ,
وَمَعْنَى النَّسِيء تَأخِير رَجَب إِلَى شَعْبَان وَالْمُحَرَّم إِلَى صَفَر، وَأَصْله مَأخُوذ مِنْ نَسَأت الشَّيْء إِذَا أَخَّرْته، وَمِنْهُ النَّسِيئَة فِي الْبَيْع، وَكَانَ مِنْ جُمْلَة مَا يَعْتَقِدُونَهُ مِنْ الدِّين تَعْظِيم هَذِهِ الْأَشْهُر الْحُرُم , وَكَانُوا يَتَحَرَّجُونَ فِيهَا عَنْ الْقِتَال وَسَفْك الدِّمَاء وَيَأمَن بَعْضهمْ بَعْضًا إِلَى أَنْ تَنْصَرِم هَذِهِ الْأَشْهُر وَيَخْرُجُوا إِلَى أَشْهُر الْحِلّ، فَكَانَ أَكْثَرهمْ يَتَمَسَّكُونَ بِذَلِكَ فَلَا يَسْتَحِلُّونَ الْقِتَال فِيهَا، وَكَانَ قَبَائِل مِنْهُمْ يَسْتَبِيحُونَهَا , فَإِذَا قَاتَلُوا فِي شَهْر حَرَام حَرَّمُوا مَكَانه شَهْرًا آخَر مِنْ أَشْهُر الْحِلّ فَيَقُولُونَ: نَسَأنَا الشَّهْر، وَاسْتَمَرَّ ذَلِكَ بِهِمْ حَتَّى اِخْتَلَطَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَخَرَجَ حِسَابه مِنْ أَيْدِيهمْ، فَكَانُوا رُبَّمَا يَحُجُّونَ فِي بَعْض السِّنِينَ فِي شَهْر , وَيَحُجُّونَ فِي بَعْض السِّنِينَ فِي شَهْر , وَيَحُجُّونَ مِنْ قَابِل فِي شَهْر غَيْره إِلَى كَانَ الْعَام الَّذِي حَجَّ فِيهِ رَسُول الله - صلى اللهُ عليه وسلَّم - فَصَادَفَ حَجّهمْ شَهْر الْحَجّ الْمَشْرُوع وَهُوَ ذُو الْحِجَّة , فَوَقَفَ بِعَرَفَة في الْيَوْم التَّاسِع مِنْهُ، ثُمَّ خَطَبَهُمْ فَأَعْلَمهُمْ أَنَّ أَشْهُر الْحَجّ قَدْ تَنَاسَخَتْ بِاسْتِدَارَةِ الزَّمَان، وَعَادَ الْأَمْر إِلَى الْأَصْل الَّذِي وَضَعَ الله حِسَاب الْأَشْهُر عَلَيْهِ يَوْم خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض، وَأَمَرَهُمْ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهِ لِئَلَّا يَتَبَدَّل أَوْ يَتَغَيَّر فِيمَا يُسْتَأنَف مِنْ الْأَيَّام. عون المعبود - (ج ٤ / ص ٣٣٥)
(٩) إِنَّمَا أَضَافَ الشَّهْر إِلَى مُضَر , لِأَنَّهَا تُشَدِّد فِي تَحْرِيم رَجَب، وَتُحَافِظ عَلَى ذَلِكَ أَشَدّ مِنْ مُحَافَظَة سَائِر الْعَرَب، فَأُضِيفَ الشَّهْر إِلَيْهِمْ بِهَذَا الْمَعْنَى. عون المعبود - (ج ٤ / ص ٣٣٥)
(١٠) (خ) ٥٢٣٠ , (م) ٢٩ - (١٦٧٩) , (د) ١٩٤٧ , (حم) ٢٠٤٠٢
(١١) (خ) ١٦٥٤ , (م) ٢٩ - (١٦٧٩)
(١٢) (خ) ١٦٥٥
(١٣) (د) ١٩٤٥ , (خ) ١٦٥٥ , (جة) ٣٠٥٨ , (حم) ١٥٩٢٧
(١٤) (خ) ١٦٥٥
(١٥) (خ) ١٦٥٤ , (م) ٢٩ - (١٦٧٩)
(١٦) (خ) ١٦٥٥
(١٧) (خ) ١٦٥٤ , (م) ٢٩ - (١٦٧٩)
(١٨) الْعِرْض: بِكَسْرِ الْعَيْن مَوْضِع الْمَدْح وَالذَّمّ مِنْ الْإِنْسَان، سَوَاء كَانَ فِي نَفْسه أَوْ سَلَفه. فتح الباري (ح٦٧)
(١٩) (خ) ١٦٥٥ , (م) ٢٩ - (١٦٧٩) , (هق) ١١٢٧٣
(٢٠) (خ) ٦٤٠٣ , (م) ٢٩ - (١٦٧٩) , (هق) ١١٢٧٣
(٢١) (خ) ١٦٥٤ , (م) ٣١ - (١٦٧٩)
(٢٢) (خ) ٤١٤١ , (حم) ٢٠٣٦
(٢٣) (ت) ٣٠٨٧
(٢٤) (خ) ٥٢٣٠ , (م) ٢٩ - (١٦٧٩) , (س) ٤١٣٠
(٢٥) (خ) ٤١٤١ , (م) ٢٩ - (١٦٧٩)
(٢٦) (حم) ٢٠٣٦ , (خ) ١٠٥ , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.
(٢٧) (خ) ١٦٥٢
(٢٨) (خ) ٦٤٠٣ , (د) ٣٣٣٤ , (جة) ٣٠٥٨
(٢٩) (حم) ١٨٧٤٤ , (خ) ١٦٥٤ , (م) ٣١ - (١٦٧٩) , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.
(٣٠) (خ) ٤١٤١ , (د) ٣٣٣٤ , (جة) ٣٠٥٨
(٣١) (خ) ١٠٥ , (م) ٢٩ - (١٦٧٩) , (حم) ٢٠٤٠٢
(٣٢) الْمُرَاد: رُبَّ مُبَلَّغ عَنِّي أَوْعَى - أَيْ: أَفْهَم - لِمَا أَقُول مِنْ سَامِع مِنِّي. وَصَرَّحَ بِذَلِكَ أَبُو الْقَاسِم بْن مَنْدَهْ فِي رِوَايَته مِنْ طَرِيق هَوْذَة عَنْ اِبْن عَوْن وَلَفْظه: " فَإِنَّهُ عَسَى أَنْ يَكُون بَعْض مَنْ لَمْ يَشْهَد أَوْعَى لِمَا أَقُول مِنْ بَعْض مَنْ شَهِدَ ".فتح الباري (ح٧٠٧٨)
(٣٣) (خ) ١٦٥٤ , (م) ٢٩ - (١٦٧٩) , (حم) ٢٠٤٠٢
(٣٤) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّهَا لَوَصِيَّتُهُ إِلَى أُمَّتِهِ. (خ) ١٦٥٢
(٣٥) (جة) ٣٠٥٨، (خ) ١٦٥٥ , (ك) ٣٢٧٦ , (هق) ٩٣٩٥