للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْيَمِينُ الْكَاذِبَة

(م) , عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (١) وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ (٢) وَلَا يُزَكِّيهِمْ (٣) وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ " , قَالَ: " فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَ مِرَّاتٍ " , فَقُلْتُ: خَابُوا وَخَسِرُوا مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ , قَالَ: " الْمُسْبِلُ إِزَارَهُ (٤) وَالْمَنَّانُ الَّذِي لَا يُعْطِي شَيْئًا إِلَّا مَنَّهُ (٥) وَالْمُنْفِقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلْفِ (٦) الْكَاذِبِ " (٧)


(١) أَيْ: لَا يُكَلِّمهُمْ تَكْلِيم أَهْل الْخَيْرَاتِ بِإِظْهَارِ الرِّضَا، بَلْ بِكَلَامِ أَهْل السُّخْط وَالْغَضَب، وَقَالَ جُمْهُور الْمُفَسِّرِينَ: لَا يُكَلِّمهُمْ كَلَامًا يَنْفَعهُمْ وَيَسُرّهُمْ. شرح النووي على مسلم - (ج ١ / ص ٢١٧)
(٢) أَيْ: يُعْرِض عَنْهُمْ , وَنَظَرُهُ سُبْحَانه وَتَعَالَى لِعِبَادِهِ: رَحْمَته وَلُطْفه بِهِمْ. شرح النووي على مسلم - (ج ١ / ص ٢١٧)
(٣) أَيْ: لَا يُطَهِّرُهُمْ مِنْ دَنَس ذُنُوبِهِمْ. شرح النووي (ج ١ / ص ٢١٧)
(٤) (الْمُسْبِل إِزَارَهُ) أَيْ: الْمُرْخِي لَهُ، الْجَارّ طَرَفه , وَقَالَ الْإِمَام أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْن جَرِيرٍ الطَّبَرِيّ: وَذَكَرَ إِسْبَال الْإِزَار وَحْده لِأَنَّهُ كَانَ عَامَّةَ لِبَاسِهِمْ، وَحُكْمُ غَيْره مِنْ الْقَمِيص وَغَيْره حُكْمُه , قُلْت: وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ مُبَيَّنًا مَنْصُوصًا عَلَيْهِ مِنْ كَلَام رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: " الْإِسْبَال فِي الْإِزَار وَالْقَمِيص وَالْعِمَامَةِ , مَنْ جَرَّ شَيْئًا خُيَلَاء لَمْ يَنْظُر الله تَعَالَى إِلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة ".شرح النووي (ج ١ / ص ٢١٨)
وقد بيَّن النبيُّ صلى الله عليه وسلم الحدَّ الأحسَنَ والجائزَ في الإزار الذي لا يجوزُ تعدِّيه؛ فقال فيما رواه أبو داود والنَّسَائي: " أُزْرَةُ المُؤْمِنِ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ، ولَا جُنَاحَ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الكَعْبَيْنِ، ومَا أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ فَفِي النَّارِ ". المُفْهم (ج ٢ / ص ٦٦)
(٥) لا شَكَّ في أنَّ الامتنانَ بالعطاء مبطلٌ لأجرِ الصدقةِ والعطاء، مُؤْذٍ للمُعْطَى؛ ولذلك قال تعالى: {لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأذَى} , وإنَّما كان المَنُّ كذلك؛ لأنَّه لا يكونُ غالبًا إلا عن البُخْلِ، والعُجْبِ، والكِبْر، ونسيانِ مِنَّةِ الله تعالى فيما أنعَمَ به عليه؛ فالبخيلُ: يُعَظِّمُ في نفسه العَطِيَّةَ - وإنْ كانتْ حقيرةً في نفسها - والعُجْبُ يحمله على النظرِ لنفسه بعين العَظَمة، وأنَّه مُنْعِمٌ بمالِهِ على المُعْطَى له ومتفضِّلٌ عليه، وأنَّ له عليه حَقًّا تجبُ عليه مراعَاتُهُ،، والكِبْرُ: يحمله على أن يحتقر المُعْطَى له وإنْ كان في نفسه فاضلاً، ومُوجِبُ ذلك كلِّه الجهلُ، ونِسْيانُ مِنَّةِ الله تعالى فيما أنعَمَ به عليه؛ إذْ قد أنعَمَ عليه بما يُعْطِي ولم يَحْرِمْهُ ذلك، وجعله ممَّنْ يُعْطِي، ولم يجعلْهُ ممَّن يَسْأَل، ولو نظَرَ ببصره لعَلِمَ أنَّ المِنَّةَ للآخذ؛ لِمَا يُزِيلُ عن المُعْطِي مِنْ إثمِ المَنْعِ وذَمِّ المانع، ومن الذنوب، ولِمَا يحصُلُ له من الأجرِ الجزيل، والثناءِ الجميل. المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - (ج ٢ / ص ٦٦)
(٦) يُقَال (الْحَلِف) بِكَسْرِ اللَّام وَإِسْكَانهَا. وَمِمَّنْ ذَكَرَ الْإِسْكَان: اِبْن السِّكِّيت فِي أَوَّل إِصْلَاح الْمَنْطِق. شرح النووي على مسلم - (ج ١ / ص ٢١٨)
(٧) (م) ١٠٦ , (ت) ١٢١١