للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حُبُّ الْأَنْصَارِ مِنَ الْإيمَان

(خ م) , عَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " آيَةُ (١) الْإِيمَانِ حُبُّ الْأَنْصَارِ , وَآيَةُ النِّفَاقِ بُغْضُ الْأَنْصَارِ" (٢) الشرح (٣)


(١) الْآيَة: الْعَلَامَة. فتح الباري (ج ١ / ص ٢٧)
(٢) (خ) ٣٥٧٣ , (م) ٧٤
(٣) فَإِنْ قِيلَ: هَلْ يَكُونُ مَنْ أَبْغَضَهُمْ مُنَافِقًا , وَإِنْ صَدَّقَ وَأَقَرَّ؟ ,
فَالْجَوَاب: أَنَّ ظَاهِرَ اللَّفْظِ يَقْتَضِيه؛ لَكِنَّهُ غَيْرُ مُرَاد، فَيُحْمَلُ عَلَى تَقْيِيِد الْبُغْضِ بِالْجِهَةِ، فَمَنْ أَبْغَضَهُمْ مِنْ جِهَة هَذِهِ الصِّفَة - وَهِيَ كَوْنُهُمْ نَصَرُوا رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَثَّرَ ذَلِكَ فِي تَصْدِيقه , فَيَصِحّ أَنَّهُ مُنَافِق.
و (الْأَنْصَار): جَمْعُ نَاصِر , كَأَصْحَابٍ , وَصَاحِب، أَيْ: أَنْصَارُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالْمُرَادُ: الْأَوْس , وَالْخَزْرَج، وَكَانُوا قَبْل ذَلِكَ يُعْرَفُونَ بِبَنِي قَيْلَة، فَسَمَّاهُمْ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " الْأَنْصَار " , فَصَارَ ذَلِكَ عَلَمًا عَلَيْهِمْ، وَأُطْلِقَ أَيْضًا عَلَى أَوْلَادِهِمْ وَحُلَفَائِهِمْ وَمَوَالِيهمْ.
وَخُصُّوا بِهَذِهِ الْمَنْقَبَةِ الْعُظْمَى لِمَا فَازُوا بِهِ دُونَ غَيْرِهِمْ مِنْ الْقَبَائِل مِنْ إِيوَاءِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَمَنْ مَعَهُ , وَالْقِيَامِ بِأَمْرِهِمْ , وَمُوَاسَاتِهمْ بِأَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهمْ , وَإِيثَارِهمْ إِيَّاهُمْ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأُمُورِ عَلَى أَنْفُسهمْ، فَكَانَ صَنِيعُهُمْ لِذَلِكَ مُوجِبًا لِمُعَادَاتِهِمْ جَمِيعَ الْفِرَقِ الْمَوْجُودِينَ مِنْ عَرَبٍ وَعَجَم، وَالْعَدَاوَةُ تَجُرُّ الْبُغْض، ثُمَّ كَانَ مَا اِخْتَصُّوا بِهِ مِمَّا ذُكِرَ مُوجِبًا لِلْحَسَدِ، وَالْحَسَدُ يَجُرُّ الْبُغْض، فَلِهَذَا جَاءَ التَّحْذِيرُ مِنْ بُغْضِهِمْ , وَالتَّرْغِيبُ فِي حُبِّهِمْ, حَتَّى جُعِلَ ذَلِكَ آيَةَ الْإِيمَان وَالنِّفَاق، تَنْوِيهًا بِعَظِيمِ فَضْلِهِمْ، وَتَنْبِيهًا عَلَى كَرِيمِ فِعْلهمْ وَإِنْ كَانَ مَنْ شَارَكَهُمْ فِي مَعْنَى ذَلِكَ مُشَارِكًا لَهُمْ فِي الْفَضْلِ الْمَذْكُور , كُلٌّ بِقِسْطِهِ. (فتح الباري) ح١٧