قال القاضي: قيل أراد بالقتل: المقاتلة , لأنها تؤدي إليها , من حيث أنها غايتها. وقيل: أراد إبطال بيعته , وتوهين أمره , من قولهم: قتلت الشراب , إذا مزجته وكسرت سورته بالماء. قال الطيبي: الأول من الوجهين يستدعي الثاني , لأن الآخِر منهما خارج على الأول , باغ عليه , فتجب المقاتلة معه حتى يفيء إلى أمر الله , وإلا قُتِل فهو مجاز باعتبار ما يَؤول , للحث على دفعه وإبطال بيعته , وتوهين أمره. قال النووي: قاتِل أهل البغي غير ناقض عهده لهم إن عهد , لأنهم حاربوا من يلزم الإمام محاربته , واتفقوا على أنه لا يجوز أن يعقد لشخصين في عصر واحد , اتسعت دار الإسلام أم لا. قال إمام الحرمين في كتاب الإرشاد: قال أصحابنا: لا يجوز عقدها لشخصين , قال: وعندي أنه لا يجوز عقدها للاثنين في صقع واحد , وإن بَعُد ما بينهما وتخللت بينهما شسوع , فللاحتمال فيه مجال , وهو خارج من القواطع. وحكى المازري هذا. قال النووي: وهو قول غير سديد , مخالف لما عليه السلف والخلف , والظاهر إطلاق الحديث رواه مسلم. وعن عرفجة - قال المؤلف - هو ابن سعد رضي الله عنه , روى عنه ابنه طرفة , وهو الذي أمره النبي أن يتخذ أنفا من ورق ثم ذهب , وكان ذهب أنفه يوم الكُلاب - بضم الكاف - قال: سمعت رسول الله يقول: إنه - أي الشأن - سيكون هنات - بفتح أوله - وهنات - أي شرور وفسادات متتابعة خارجة عن السنة والجماعة , والمراد بها الفتن المتوالية , والمعنى أنه سيظهر في الأرض أنواع الفساد والفتنة لطلب الإمارة من كل جهة , وإنما الإمام من انعقد أولا له البيعة , فمن أراد أن يفرق بتشديد الراء أي: يفصل ويقطع أمر هذه الأمة وهي جميع - أي والحال أن الأمة مجتمعة وكلمتهم واحدة - فاضربوه بالسيف أي فإنه أحق بالتفريق والتقطيع كائنا من كان أي سواء كان من أقاربي أو من غيرهم بشرط أن يكون الأول أهلا للإمامة , وهي الخلافة وفي نسخة: كائنا ما كان. ومشى عليه الطيبي حيث قال: إنه حالٌ فيه معنى الشرط , أي: ادفعوا من خرج على الإمام بالسيف , وإن كان أشرف وأعلم , وترون أنه أحق وأولى. مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - (ج ١١ / ص ٣١٣) (٢) (م) ٦١ - (١٨٥٣) , (هق) ١٦٣٢٤ , (طس) ٢٧٤٣ , (كشف الأستار) ١٥٩٥ , (مستخرج أبي عوانة) ٧١٣٣