وقد روى ابن أبي شيبة عَنْ مغيرة بن زياد الموصلي قال: رأيت عطاء يصلي في السقيفة في المسجد الحرام في النفر وهم متفرقون عن الصفوف , فقلت له أو قيل له؟ , فقال: إني شيخ كبير , ومكة دَوِيَّه , قد كان رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - في سفر فأصابه مطر فصلى بالناس وهم في رحالهم وبلال يسمع الناس التكبير. فهذا مع إرساله فيه ابن زياد هذا وفيه ضعف، والله أعلم. أ. هـ وقال في تمام المنة ص٢٨١: قوله بعد أن ذكر بعض الآثار في الصلاة على ظهر المسجد وخارجه مقتديا بالإمام: " الأصل الجواز حتى يقوم دليل المنع " نقله عن الشوكاني. وأقول: يقابل هذه الآثار آثار أخرى عن عمر والشعبي وإبراهيم عند ابن أبي شيبة وعبد الرزاق: أنه ليس له ذلك إذا كان بينه وبين الإمام طريق ونحوه , ولعل ما في الآثار الأولى محمول على العذر , كامتلاء المسجد , كما قال هشام بن عروة: " جئت أنا وأبي مرة فوجدنا المسجد قد امتلأ , فصلينا بصلاة الإمام في دار عند المسجد بينهما طريق " رواه عبد الرزاق بسند صحيح عنه. وليس بِخاف على الفقيه أن إطلاق القول بالجواز ينافي الأحاديث الآمرة بوصل الصفوف وسد الفرج , فلا بد من التزامها والعمل بها إلا لعذر. ولهذا قال شيخ الإسلام في " مجموع الفتاوى " (٢٣/ ٤١٠): " ولا يصف في الطرقات والحوانيت مع خلو المسجد , ومن فعل ذلك استحق التأديب , ولمن جاء بعده تخطيه ويدخل لتكميل الصفوف المتقدمة , فإن هذا لا حرمة له , قال: فإن امتلأ المسجد بالصفوف صفُّوا خارج المسجد , فإذا اتصلت الصفوف حينئذ في الطرقات والأسواق صحت صلاتهم , وأما إذا صفوا وبينهم وبين الصف الآخر طريق يمشي الناس فيه , لم تصح صلاتهم في أظهر قولي العلماء , وكذلك إذا كان بينهم وبين الصفوف حائط , بحيث لا يرون الصفوف , ولكن يسمعون التكبير من غير حاجة , فإنه لا تصح صلاتهم في الأظهر , وكذلك من صلى في حانوته والطريق خال , لم تصح صلاته , وليس له أن يقعد في الحانوت وينتظر اتصال الصفوف به , بل عليه أن يذهب إلى المسجد , فيسد الأول فالأول فالأول ". أ. هـ