للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

{رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ , لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ , وَكَانَ اللهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} (١)

(خ م) , عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (" لَا أَحَدَ وفي رواية: (لَا شَخْصَ) (٢) أَغْيَرُ مِنْ اللهِ (٣) وَلِذَلِكَ (٤) حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ (٥) وَلَا أَحَدَ أَحَبَّ إِلَيْهِ الْمَدْحُ مِنْ اللهِ , وَلِذَلِكَ (٦) مَدَحَ نَفْسَهُ) (٧) وفي رواية: " وَلِذَلِكَ وَعَدَ اللهُ الْجَنَّةَ " (٨) (وَلَا أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنْ اللهِ , مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ أَنْزَلَ الْكِتَابَ , وَأَرْسَلَ الرُّسُلَ (٩)) (١٠) (مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ") (١١)


(١) [النساء: ١٦٥]
(٢) (م) ١٤٩٩
وقَالَ عُبَيْدُ اللهِ الْقَوَارِيرِيُّ: لَيْسَ حَدِيثٌ أَشَدَّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ , قَوْلِهِ: (لَا شَخْصَ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِدْحَةٌ مِنْ اللهِ - عز وجل -). (حم) ١٨١٩٤
(٣) الْغَيْرَة: أَصْلهَا الْمَنْع , وَالرَّجُلُ غَيُورٌ عَلَى أَهْله , أَيْ: يَمْنَعهُمْ مِنْ التَّعَلُّق بِأَجْنَبِيٍّ , بِنَظَرٍ , أَوْ حَدِيثٍ أَوْ غَيْره، وَالْغَيْرَة صِفَة كَمَالِ , فَأَخْبَرَ - صلى الله عليه وسلم - بِأَنَّ الله أَغْيَر مِنْهُ، وَأَنَّهُ مِنْ أَجْل ذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِش. شرح النووي (ج ٥ / ص ٢٦٨)
(٤) أَيْ: لِأَجْلِ الْغَيْرَةِ. تحفة الأحوذي - (ج ٨ / ص ٤٢٨)
(٥) الْمُرَادُ: سِرُّ الْفَوَاحِشِ وَعَلَانِيَتُهَا. تحفة الأحوذي - (ج ٨ / ص ٤٢٨)
(٦) أَيْ: وَلِأَجْلِ حُبِّهِ الْمَدْحَ. تحفة الأحوذي - (ج ٨ / ص ٤٢٨)
(٧) (خ) ٤٣٥٨ , (م) ٢٧٦٠
(٨) (خ) ٦٩٨٠ , (م) ١٤٩٩ ,
ومَعْنَى قَوْله " وَعَدَ الْجَنَّة " أَنَّهُ لَمَّا وَعَدَ بِهَا , وَرَغَّبَ فِيهَا , كَثُرَ السُّؤَال لَهُ وَالطَّلَب إِلَيْهِ , وَالثَّنَاء عَلَيْهِ.
وَلَا يُحْتَجّ بِهَذَا عَلَى جَوَاز اِسْتِجْلَاب الْإِنْسَان الثَّنَاء عَلَى نَفْسه , فَإِنَّهُ مَذْمُوم وَمَنْهِيّ عَنْهُ , بِخِلَافِ حُبِّه لَهُ فِي قَلْبه , إِذَا لَمْ يَجِد مِنْ ذَلِكَ بُدًّا , فَإِنَّهُ لَا يُذَمّ بِذَلِكَ، فَالله سُبْحَانه وَتَعَالَى مُسْتَحِقٌّ لِلْمَدْحِ بِكَمَالِهِ؛ وَالنَّقْصُ لِلْعَبْدِ لَازِمٌ وَلَوْ اِسْتَحَقَّ الْمَدْح مِنْ جِهَة مَا , لَكِنَّ الْمَدْحَ يُفْسِدُ قَلْبَه , وَيُعَظِّمهُ فِي نَفْسه حَتَّى يَحْتَقِر غَيْره، وَلِهَذَا جَاءَ: " اُحْثُوا فِي وُجُوه الْمَدَّاحِينَ التُّرَاب " وَهُوَ حَدِيث صَحِيح أَخْرَجَهُ مُسْلِم. فتح الباري - (ج ٢٠ / ص ٤٩٢)
(٩) أَيْ: بَعَثَ الْمُرْسَلِينَ لِلْإِعْذَارِ وَالْإِنْذَار لِخَلْقِهِ قَبْل أَخْذهمْ بِالْعُقُوبَةِ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى (لِئَلَّا يَكُون لِلنَّاسِ عَلَى الله حُجَّة بَعْد الرُّسُل) , وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَث رَسُولًا}.فتح الباري (ج٢٠ص٤٩٢)
فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَأَدَّب الْإِنْسَان بِمُعَامَلَتِهِ سُبْحَانه وَتَعَالَى لِعِبَادِهِ، فَإِنَّهُ لَا يُعَاجِلهُمْ بِالْعُقُوبَةِ , بَلْ حَذَّرَهُمْ وَأَنْذَرَهُمْ , وَكَرَّرَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَأَمْهَلَهُمْ، فَكَذَا يَنْبَغِي لِلْعَبْدِ أَلَّا يُبَادِر بِالْقَتْلِ وَغَيْره فِي غَيْر مَوْضِعه، فَإِنَّ الله تَعَالَى لَمْ يُعَاجِلهُمْ بِالْعُقُوبَةِ , مَعَ أَنَّهُ لَوْ عَاجَلَهُمْ كَانَ عَدْلًا مِنْهُ سُبْحَانه وَتَعَالَى. شرح النووي (ج ٥ / ص ٢٦٨)
(١٠) (م) ٢٧٦٠ , (خ) ٦٩٨٠
(١١) (م) ١٤٩٩ , (حم) ١٨١٩٣