للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْكَذِبُ مِنَ الْكَبَائِر

(خ م) , عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ , فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ (١) وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ (٢) وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ (٣) وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ , حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ صِدِّيقًا (٤) وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ , فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ (٥) وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ , وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ (٦) حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذَّابًا " (٧)

الشرح (٨)


(١) أَيْ: أَنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ الْخَالِصِ مِنْ كُلِّ مَذْمُومٍ. عون المعبود - (ج ١١ / ص ٢٦)
وَالْبِرُّ: اِسْمٌ جَامِع لِلْخَيْرَاتِ , مِنْ اِكْتِسَابِ الْحَسَنَاتِ , وَاجْتِنَابِ السَّيِّئَاتِ، وَيُطْلَقُ عَلَى الْعَمَلِ الْخَالِصِ الدَّائِمِ الْمُسْتَمِرِّ مَعَهُ إِلَى الْمَوْتِ. تحفة (٥/ ٢١٠)
(٢) مِصْدَاقُهُ فِي كِتَابِ اللهِ تَعَالَى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ}.تحفة (٥/ ٢١٠)
(٣) أَيْ: فِي قَوْلِهِ وَفِعْلِهِ. تحفة الأحوذي - (٥/ ٢١٠)
(٤) أَيْ: مُبَالِغًا فِي الصِّدْقِ , فَفِي الْقَامُوسِ: الصِّدِّيقُ: مَنْ يَتَكَرَّرُ مِنْهُ الصِّدْقُ , حَتَّى يَسْتَحِقَّ اِسْمَ الْمُبَالَغَةِ فِي الصِّدْقِ.
وَفِي الْحَدِيثِ إِشْعَارٌ بِحُسْنِ خَاتِمَتِهِ , وَإِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الصِّدِّيقَ يَكُونُ مَأمُونَ الْعَاقِبَةِ. تحفة الأحوذي - (٥/ ٢١٠)
(٥) (الْفُجُور): يُطْلَقُ عَلَى الْمَيْلِ إِلَى الْفَسَادِ, وَعَلَى الِانْبِعَاثِ فِي الْمَعَاصِي وَهُوَ اِسْمٌ جَامِعٌ لِلشَّرِّ. تحفة الأحوذي - (٥/ ٢١٠)
(٦) أَيْ: يُبَالِغُ وَيَجْتَهِدُ فِيهِ. عون المعبود - (ج ١١ / ص ٢٦)
(٧) (م) ٢٦٠٧ , (خ) ٥٧٤٣ , (ت) ١٩٧١
(٨) قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ: الْمُرَادُ بِالْكِتَابَةِ: الْحُكْمُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ , وَإِظْهَارُهُ لِلْمَخْلُوقِينَ مِنْ الْمَلَأِ الْأَعْلَى , وَإِلْقَاءُ ذَلِكَ فِي قُلُوبِ أَهْلِ الْأَرْضِ.
قَالَ النَّوَوِيُّ: قَالَ الْعُلَمَاءُ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ حَثٌّ عَلَى تَحَرِّي الصِّدْقِ وَالِاعْتِنَاءِ بِهِ، وَعَلَى التَّحْذِيرِ مِنْ الْكَذِبِ وَالتَّسَاهُلِ فِيهِ , فَإِنَّهُ إِذَا تَسَاهَلَ فِيهِ كَثُرَ مِنْهُ , فَيُعْرَفُ بِهِ. تحفة الأحوذي - (٥/ ٢١٠)
وَفِي الْحَدِيثِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَنْ تَحَرَّى الصِّدْقَ فِي أَقْوَالِهِ , صَارَ لَهُ سَجِيَّةً , وَمَنْ تَعَمَّدَ الْكَذِبَ وَتَحَرَّاهُ , صَارَ لَهُ سَجِيَّةً، وَأَنَّهُ بِالتَّدَرُّبِ وَالِاكْتِسَابِ تَسْتَمِرُّ صِفَاتُ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ.
وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى عَظَمَةِ شَأنِ الصِّدْقِ , وَأَنَّهُ يَنْتَهِي بِصَاحِبِهِ إلَى الْجَنَّةِ , وَدَلِيلٌ عَلَى عَظَمَةِ قُبْحِ الْكَذِبِ , وَأَنَّهُ يَنْتَهِي بِصَاحِبِهِ إلَى النَّارِ، وَذَلِكَ سِوَى مَا لِصَاحِبِهِمَا فِي الدُّنْيَا , فَإِنَّ الصَّدُوقَ مَقْبُولُ الْحَدِيثِ عِنْدَ النَّاسِ , مَقْبُولُ الشَّهَادَةِ عِنْدَ الْحُكَّامِ , مَحْبُوبٌ , مَرْغُوبٌ فِي أَحَادِيثِهِ , وَالْكَذُوبُ بِخِلَافِ هَذَا كُلِّهِ. سبل السلام - (٧/ ٢١٥)