وَهُوَ مَذْهَبُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَعَطَاءٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَالْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ، وَمَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، وَالْحَكَمِ، وَمَالِكٍ، وَالثَّوْرِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَابْنِ شُبْرُمَةَ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَصَاحِبَيْهِ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ؛ وَمِثْلُ هَذَا عَنْ عَلِيٍّ، وَمُعَاوِيَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: طَلَاقُ السَّكْرَانِ جَائِزٌ، إنْ رَكِبَ مَعْصِيَةً مِنْ مَعَاصِي اللهِ نَفَعَهُ ذَلِكَ، وَلِأَنَّ الصَّحَابَةَ جَعَلُوهُ كَالصَّاحِي فِي الْحَدِّ بِالْقَذْفِ؛ بِدَلِيلِ مَا رَوَى أَبُو وَبَرَةَ الْكَلْبِيُّ، قَالَ: أَرْسَلَنِي خَالِدٌ إلَى عُمَرَ، فَأَتَيْتُهُ فِي الْمَسْجِدِ، وَمَعَهُ عُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، فَقُلْت: إنَّ خَالِدًا يَقُولُ: إنَّ النَّاسَ انْهَمَكُوا فِي الْخَمْرِ، وَتَحَاقَرُوا الْعُقُوبَةَ , فَقَالَ عُمَرُ: هَؤُلَاءِ عِنْدَك فَسَلْهُمْ , فَقَالَ عَلِيٌّ: نَرَاهُ إذَا سَكِرَ هَذَى، وَإِذَا هَذَى افْتَرَى، وَعَلَى الْمُفْتَرِي ثَمَانُونَ.فَقَالَ عُمَرُ: أَبْلِغْ صَاحِبَك مَا قَالَ. فَجَعَلُوهُ كَالصَّاحِي، وَلِأَنَّهُ إيقَاعٌ لِلطَّلَاقِ مِنْ مُكَلَّفٍ غَيْرِ مُكْرَهٍ صَادَفَ مِلْكَهُ، فَوَجَبَ أَنْ يَقَعَ، كَطَلَاقِ الصَّاحِي، وَيَدُلُّ عَلَى تَكْلِيفِهِ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِالْقَتْلِ، وَيُقْطَعُ بِالسَّرِقَةِ، وَبِهَذَا فَارَقَ الْمَجْنُونَ. المغني - (١٦/ ٢٣١)وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ , واخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ , وَهُوَ قَوْلُ عُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ , وَمَذْهَبُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالْقَاسِمِ، وَطَاوُسٍ، وَرَبِيعَةَ، وَيَحْيَى الْأَنْصَارِيِّ، وَاللَّيْثِ، وَالْعَنْبَرِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَالْمُزَنِيِّ.قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: هَذَا ثَابِتٌ عَنْ عُثْمَانَ، وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ الصَّحَابَةِ خَالَفَهُ.وَقَالَ أَحْمَدُ: حَدِيثُ عُثْمَانَ أَرْفَعُ شَيْءٍ فِيهِ، وَهُوَ أَصَحُّ.وَلِأَنَّهُ زَائِلُ الْعَقْلِ، أَشْبَهَ الْمَجْنُونَ، وَالنَّائِمَ، وَلِأَنَّهُ مَفْقُودُ الْإِرَادَةِ، أَشْبَهُ الْمُكْرَهُ، وَلِأَنَّ الْعَقْلَ شَرْطٌ لِلتَّكْلِيفِ؛ إذْ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْخِطَابِ بِأَمْرٍ أَوْ نَهْيٍ، وَلَا يَتَوَجَّهُ ذَلِكَ إلَى مَنْ لَا يَفْهَمُهُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ زَوَالِ الشَّرْطِ بِمَعْصِيَةٍ أَوْ غَيْرِهَا؛ بِدَلِيلِ أَنَّ مَنْ كَسَرَ سَاقَيْهِ جَازَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا، وَلَوْ ضَرَبَتْ الْمَرْأَةُ بَطْنَهَا، فَنَفِسَتْ، سَقَطَتْ عَنْهَا الصَّلَاةُ، وَلَوْ ضَرَبَ رَأسَهُ فَجُنَّ، سَقَطَ التَّكْلِيفُ. المغني - (١٠/ ٣٤٦)(٢) (هق) ١٤٨٩٠ , (مش) ٤٧٧٩ , (ش) ١٧٩٠٨ , (سعيد) ١١١٢ , وصححه الألباني في الإرواء: ٢٠٤٥
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute