(٢) [يوسف/٤٣](٣) قَدْ وَقَعَتِ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ مِنْ بَعْضِ الْكُفَّارِ كَمَا فِي رُؤْيَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ مَعَ يُوسُفَ - عليه السلام - وَرُؤْيَا مَلِكِهِمَا , وَغَيْرِ ذَلِكَ.قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: الْمُسْلِمُ الصَّادِقُ الصَّالِحُ هُوَ الَّذِي يُنَاسِبُ حَالُهُ حَالَ الْأَنْبِيَاءِ فَأُكْرِمَ بِنَوْعٍ مِمَّا أُكْرِمَ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ , وَهُوَ الِاطِّلَاعُ عَلَى الْغَيْبِ , وَأَمَّا الْكَافِرُ وَالْفَاسِقُ وَالْمُخَلِّطُ , فَلَا , وَلَوْ صَدَقَتْ رُؤْيَاهُمْ أَحْيَانًا , فَذَاكَ كَمَا قَدْ يَصْدُقُ الْكَذُوبُ , وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ حَدَّثَ عَنْ غَيْبٍ يَكُونُ خَبَرُهُ مِنْ أَجْزَاءِ النُّبُوَّةِ , كَالْكَاهِنِ , وَالْمُنَجِّمِ.قَالَ الْمُهَلَّبُ: الْمُرَادُ غَالِبُ رُؤْيَا الصَّالِحِينَ , وَإِلَّا فَالصَّالِحُ قَدْ يَرَى الْأَضْغَاثَ , وَلَكِنَّهُ نَادِرٌ لِقِلَّةِ تَمَكُّنِ الشَّيْطَانِ مِنْهُمْ , بِخِلَافِ عَكْسِهِمْ ,فَإِنَّ الصِّدْقَ فِيهَا نَادِرٌ , لِغَلَبَةِ تَسَلُّطِ الشَّيْطَانِ عَلَيْهِمْ.قَالَ: فَالنَّاسُ عَلَى هَذَا ثَلَاثُ دَرَجَاتٍ:الْأَنْبِيَاءُ: وَرُؤْيَاهُمْ كُلُّهَا صِدْقٌ , وَقَدْ يَقَعُ فِيهَا مَا يَحْتَاجُ إِلَى تَعْبِيرٍ. وَالصَّالِحُونَ: وَالْأَغْلَبُ عَلَى رُؤْيَاهُمُ الصِّدْقُ , وَقَدْ يَقَعُ فِيهَا مَا لَا يَحْتَاجُ إِلَى تَعْبِيرٍ.وَمَنْ عَدَاهُمْ: يَقَعُ فِي رُؤْيَاهُمُ الصِّدْقُ وَالْأَضْغَاثُ , وَهِيَ على ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مَسْتُورُونَ: فَالْغَالِبُ اسْتِوَاءُ الْحَالِ فِي حَقِّهِمْ.وَفَسَقَةٌ: وَالْغَالِبُ عَلَى رُؤْيَاهُمُ الْأَضْغَاثُ , وَيَقِلُّ فِيهَا الصِّدْقُ.وَكُفَّارٌ: وَيَنْدُرُ فِي رُؤْيَاهُمُ الصِّدْقُ جِدًّا. فتح الباري (١٢/ ٣٦٢)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute