للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْعَلَقَة وَالْمُضْغَة وَرُطُوبَة اَلْفَرْج

رُطُوبَةِ فَرْجِ الْمَرْأَةِ وَهِيَ مَاءٌ أَبْيَضُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْمَذْيِ وَالْعَرَقِ (١)

ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى طَهَارَةِ رُطُوبَةِ فَرْجِ الْمَرْأَةِ الدَّاخِلِيِّ كَسَائِرِ رُطُوبَاتِ الْبَدَنِ،

وَمِنْ ثَمَّ فَإِنَّ رُطُوبَةَ الْوَلَدِ عِنْدَ الْوِلادَةِ طَاهِرَةٌ.

وَمَحَلُّ الطَّهَارَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إِذَا لَمْ يَكُنْ دَمٌ، وَلَمْ يُخَالِطْ رُطُوبَةَ الْفَرْجِ مَذْيٌ أَوْ مَنِيٌّ مِنَ الرَّجُلِ، أَوِ الْمَرْأَةِ. (٢)

وَذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إِلَى نَجَاسَتِهِ.

أَمَّا رُطُوبَةُ الْفَرْجِ الْخَارِجِيِّ فَطَاهِرَةٌ اتِّفَاقًا.

وَإِذَا كَانَتِ النَّجَاسَةُ فِي مَحَلِّهَا فَلا عِبْرَةَ بِهَا بِاتِّفَاقٍ. (٣)

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ رُطُوبَةَ الْفَرْجِ مِنْ غَيْرِ مُبَاحِ الأَكْلِ نَجِسَةٌ، أَمَّا مِنْ مُبَاحِ الأَكْلِ فَطَاهِرَةٌ مَا لَمْ يَتَغَذَّ بِنَجِسٍ، وَرُطُوبَةُ فَرْجِ الآدَمِيِّ نَجِسَةٌ عَلَى الرَّاجِحِ خِلافًا لِمَنْ قَالَ بِطَهَارَتِهِ. (٤)

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ رُطُوبَةَ الْفَرْجِ مِنَ الآدَمِيِّ أَوْ مِنْ حَيَوَانٍ طَاهِرٍ وَلَوْ غَيْرِ مَأكُولٍ لَيْسَتْ بِنَجِسٍ فِي الأَصَحِّ بَلْ طَاهِرَةٌ لأَنَّهَا كَعَرَقِهِ، وَمُقَابِلُ الأَصَحِّ أَنَّهَا نَجِسَةٌ، لأَنَّهَا مُتَوَلِّدَةٌ مِنْ مَحَلِّ النَّجَاسَةِ يَنْجُسُ بِهَا ذَكَرُ الْمُجَامِعِ. (٥)

وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ فِي الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ إِلَى أَنَّ رُطُوبَةَ فَرْجِ الْمَرْأَةِ طَاهِرَةٌ لِلْحُكْمِ بِطَهَارَةِ مَنِيِّهَا، فَلَوْ حَكَمْنَا بِنَجَاسَةِ رُطُوبَةِ فَرْجِهَا لَزِمَ الْحُكْمُ بِنَجَاسَةِ مَنِيِّهَا.

وَقَالُوا فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ - اخْتَارَهَا أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ شَاقِلا وَجَزَمَ بِهِ فِي الإِفَادَاتِ - إِنَّ رُطُوبَةَ الْفَرْجِ نَجِسَةٌ، وَقَالَ الْقَاضِي: مَا أَصَابَ مِنْهُ فِي حَالِ الْجِمَاعِ نَجِسٌ لأَنَّهُ لا يَسْلَمُ مِنَ الْمَذْيِ. (٦)

وَقَدْ بَيَّنَ الْفُقَهَاءُ الْحُكْمَ الشَّرْعِيَّ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَلَقَةِ مِنْ نَاحِيَةِ الطَّهَارَةِ وَالنَّجَاسَةِ، فَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، بِنَجَاسَتِهَا. وَالصَّحِيحُ عِنْدَهُمْ أَنَّهَا طَاهِرَةٌ؛ لأَنَّهَا بَدْءُ خَلْقِ الآدَمِيِّ، وَقِيلَ: إِنَّهَا نَجِسَةٌ لأَنَّهَا دَمٌ. (٧)

ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنَ الْمَذْهَبِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّ الْمُضْغَةَ نَجَسٌ، لأَنَّهَا دَمٌ وَالدَّمُ نَجَسٌ. (٨)

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الأَصَحِّ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْوَجْهِ الآخَرِ وَابْنُ الْهُمَامِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّ الْمُضْغَةَ لَيْسَتْ بِنَجَسٍ بَلْ طَاهِرَةٌ، لأَنَّ الْمُضْغَةَ أَصْلُ حَيَوَانٍ طَاهِرٍ كَالْمَنِيِّ. (٩)


(١) القاموس المحيط، ولسان العرب، والمصباح المنير مادة: " رطب ".
(٢) حاشية ابن عابدين ١/ ٢٣٣
(٣) حاشية ابن عابدين ١/ ١١٢، ٢٠٨، ٢٣٣.
(٤) حاشية الدسوقي ١/ ٥٧، وجواهر الإكليل ١/ ٩، ومواهب الجليل ١/ ١٠٥.
(٥) مغني المحتاج ١/ ٨١، ونهاية المحتاج ١/ ٢٢٨ ـ ٢٢٩، وتحفة المحتاج ١/ ٣١٥ ـ ٣١٦.
(٦) كشاف القناع ١/ ١٩٥، ومطالب أولي النهى ١/ ٢٣٧، والإنصاف ١/ ٣٤١.
(٧) حاشية ابن عابدين ١/ ٢٢٦، والمغني ٢/ ٩٤.
(٨) حاشية ابن عابدين ١/ ٢٠٨ ط. بولاق، والبحر الرائق ١/ ٢٣٦، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف ١/ ٣٢٨، والكافي ١/ ٨٨، وبلغة السالك ١/ ٣٥.
(٩) مغني المحتاج ١/ ٨١، والقليوبي وعميرة ١/ ٧١، وحاشية ابن عابدين ١/ ٢٠٨.