للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مَاءُ الْبَحْر

(ت) , عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ - رضي الله عنهما - قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا نَرْكَبُ الْبَحْرَ، وَنَحْمِلُ مَعَنَا الْقَلِيلَ مِنْ الْمَاءِ، فَإِنْ تَوَضَّأنَا بِهِ عَطِشْنَا، أَفَنَتَوَضَّأُ مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ؟ , فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم -: " هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ، الْحِلُّ مَيْتَتُهُ " (١)

مَذَاهِبُ الْفُقَهَاءِ فِي الْمَسْأَلَة:

ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى جِوَازِ اسْتِعْمَالِ مَاءِ الْبَحْرِ فِي الطَّهَارَةِ مِنَ الأَحْدَاثِ وَالأَنْجَاسِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، وَهَذَا هُوَ مَذْهَبُ جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ.

يَقُولُ التِّرْمِذِيُّ: أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَابْنُ عَبَّاسٍ لَمْ يَرَوْا بَأسًا بِمَاءِ الْبَحْرِ، وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ، الْحِلُّ مَيْتَتُهُ " وَلأَنَّ مُطْلَقَ اسْمِ الْمَاءِ يُطْلَقُ عَلَى مَاءِ الْبَحْرِ فَيَقَعُ التَّطَهُّرُ بِهِ.

فتح القدير (دار الفكر-د. ط-د. ت) ج١ ص٦٨ - ٧٠: (الطَّهَارَةُ مِنْ الأَحْدَاثِ جَائِزٌ بِمَاءِ السَّمَاءِ وَالأَوْدِيَةِ وَالْعُيُونِ وَالآبَارِ وَالْبِحَارِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ " وَالْمَاءُ طَهُورٌ لا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ إلا مَا غَيَّرَ لَوْنَهُ أَوْ طَعْمَهُ أَوْ رِيحَهُ " وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي الْبَحْرِ " هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ وَالْحِلُّ مَيْتَتُهُ " وَمُطْلَقُ الاسْمِ يَنْطَلِقُ عَلَى هَذِهِ الْمِيَاهِ.

الفواكه الدواني (دار الفكر-د. ط-١٤١٥هـ-١٩٩٥م) ج١ ص١٢٤: (وَمَاءُ الْبَحْرِ) وَلَوْ الْمِلْحَ وَلَوْ كَانَ مُتَغَيِّرَ اللَّوْنِ وَالطَّعْمِ وَالرِّيحِ (طَيِّبٌ طَاهِرٌ مُطَهِّرٌ لِلنَّجَاسَاتِ) وَرَافِعٌ لِلأَحْدَاثِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ " أَيْ مَاؤُهُ طَهُورٌ وَمَيْتَتُهُ حَلالٌ.

المجموع (مكتبة الإرشاد-السعودية- ومكتبة المطيعي-د. ط-د. ت) ج١ ص١٢٦ - ١٣٢: قَالَ الْمُزَنِيّ فِي الْمُخْتَصَرِ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَكُلُّ مَاءٍ مِنْ بَحْرٍ عَذْبٍ أَوْ مَالِحٍ أَوْ بِئْرٍ أَوْ سَمَاءٍ أَوْ ثَلْجٍ أَوْ بَرَدٍ مُسَخَّنٍ وَغَيْرِ مُسَخَّنٍ فَسَوَاءٌ وَالتَّطَهُّرُ بِهِ جَائِزٌ

المغني (مكتبة القاهرة-د. ط -١٣٨٨هـ ١٩٦٨م) ج١ ص٧ - ٩: وَمَاءُ الْبَحْرِ مَاءٌ، لا يَجُوزُ الْعُدُولُ إلَى التَّيَمُّمِ مَعَ وُجُودِهِ.

وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: " سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّا نَرْكَبُ الْبَحْرَ، وَنَحْمِلُ مَعَنَا الْقَلِيلَ مِنْ الْمَاءِ، فَإِنْ تَوَضَّأنَا بِهِ عَطِشْنَا، أَفَنَتَوَضَّأُ بِمَاءِ الْبَحْرِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ " أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: " مَنْ لَمْ يُطَهِّرْهُ مَاءُ الْبَحْرِ فَلا طَهَّرَهُ اللَّهُ " وَلأَنَّهُ مَاءٌ بَاقٍ عَلَى أَصِلْ خِلْقَتِهِ، فَجَازَ الْوُضُوءُ بِهِ كَالْعَذْبِ.

وَقَوْلُهُمْ: " هُوَ نَارٌ " إنْ أُرِيدَ بِهِ أَنَّهُ نَارٌ فِي الْحَالِ فَهُوَ خِلافُ الْحِسِّ، وَإِنْ أُرِيدَ أَنَّهُ يَصِيرُ نَارًا، لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ الْوُضُوءَ بِهِ حَالَ كَوْنِهِ مَاءً.

وَقَالَ النَّوَوِيُّ: وَحُكِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعَبْد اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بْنِ الْعَاصِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ كَرَاهَةُ التَّطَهُّرِ بِهِ. (٢)

المحلى (دار الكتب العلمية-بيروت-د. ط-د. ت) ج١ ص٢١٠: قال ابن حزم: رُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَأَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ الْوُضُوءَ لِلصَّلاةِ وَالْغُسْلَ مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ لا يَجُوزُ وَلا يُجْزِئُ، وَلَقَدْ كَانَ يَلْزَمُ مَنْ يَقُولُ بِتَقْلِيدِ الصَّاحِبِ وَيَقُولُ إذَا وَافَقَهُ قَوْلُهُ: " مِثْلُ هَذَا لا يُقَالُ بِالرَّأيِ " أَنْ يَقُولَ بِقَوْلِهِمْ هَهُنَا. وَكَذَلِكَ مَنْ لَمْ يَقُلْ بِالْعُمُومِ، لأَنَّ الْخَبَرَ " هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ " لا يَصِحُّ. وَلِذَلِكَ لَمْ نَحْتَجَّ بِهِ. وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ الْكَرَاهَةُ لِلْمَاءِ الْمُسَخَّنِ وَعَنْ الشَّافِعِيِّ الْكَرَاهَةُ لِلْمَاءِ الْمُشَمَّسِ، وَكُلُّ هَذَا لا مَعْنَى لَهُ، وَلا حُجَّةَ لا فِي قُرْآنٍ أَوْ سُنَّةٍ ثَابِتَةٍ أَوْ إجْمَاعٍ مُتَيَقَّنٍ، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

نيل الأوطار (دار الحديث-الطبعة الأولى-١٤١٣هـ-١٩٩٣م) ج١ ص٢٧ - ٣١: فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ شَكُّوا فِي جَوَازِ الْوُضُوءِ بِمَاءِ الْبَحْرِ؟ قُلْنَا: يُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ لَمَّا سَمِعُوا قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تَرْكَبْ الْبَحْرَ إلا حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا أَوْ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنَّ تَحْتَ الْبَحْرِ نَارًا وَتَحْتَ النَّارِ بَحْرًا " (٣) أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا، ظَنُّوا أَنَّهُ لا يُجْزِئُ التَّطَهُّرُ بِهِ. وَقَدْ رُوِيَ مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ: " مَاءُ الْبَحْرِ لا يُجْزِئُ مِنْ وُضُوءٍ وَلا جَنَابَةٍ، إنَّ تَحْتَ الْبَحْرِ نَارًا ثُمَّ مَاءً ثُمَّ نَارًا حَتَّى عَدَّ سَبْعَةَ أَبْحُرٍ وَسَبْعَ أَنْيَارٍ " (٤) وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ ابْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ لا يُجْزِئُ التَّطَهُّرُ بِهِ، وَلا حُجَّةَ فِي أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ لا سِيَّمَا إذَا عَارَضَتْ الْمَرْفُوعَ وَالإِجْمَاعَ. وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ الْمَرْفُوعُ قَالَ أَبُو دَاوُد: رُوَاتُهُ مَجْهُولُونَ. وَقَالَ الْخَطَّابِيّ: ضَعَّفُوا إسْنَادَهُ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: لَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ بِصَحِيحٍ. وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى عِنْدَ الْبَزَّارِ، وَفِيهَا لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.


(١) (ت) ٦٩ , (س) ٥٩ , (د) ٨٣ , (جة) ٣٨٨ , صحيح الجامع: ٧٠٤٨ , والصحيحة: ٤٨٠
(٢) المجموع ١/ ٩٠ ـ ٩١.
(٣) سنن أبي داود: ٢٤٨٩ , وقال الألباني: ضعيف.
(٤) سنن البيهقي الكبرى: كتاب الحج (٨٤٥٠).