للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

{وَلَا تَطْرُدْ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ , مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ , وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنْ الظَّالِمِينَ} (١)

(م جة) , وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ - رضي الله عنه - قَالَ: (كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - سِتَّةَ نَفَرٍ:) (٢) (أَنَا , وَابْنُ مَسْعُودٍ , وَصُهَيْبٌ , وَعَمَّارٌ , وَالْمِقْدَادُ , وَبِلَالٌ) (٣) (فَجَاءَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ , وَعُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ الْفَزَارِيُّ , فَوَجَدَا رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَاعِدًا فِي نَاسٍ مِنْ الضُّعَفَاءِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ , فَلَمَّا رَأَوْهُمْ حَوْلَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حَقَرُوهُمْ , فَأَتَوْهُ فَخَلَوْا بِهِ , وَقَالُوا: إِنَّا نُرِيدُ أَنْ تَجْعَلَ لَنَا مِنْكَ مَجْلِسًا تَعْرِفُ لَنَا بِهِ الْعَرَبُ فَضْلَنَا , فَإِنَّ وُفُودَ الْعَرَبِ تَأتِيكَ , فَنَسْتَحْيِي أَنْ تَرَانَا الْعَرَبُ مَعَ هَذِهِ الْأَعْبُدِ , فَإِذَا نَحْنُ جِئْنَاكَ فَأَقِمْهُمْ عَنْكَ , فَإِذَا نَحْنُ فَرَغْنَا , فَاقْعُدْ مَعَهُمْ إِنْ شِئْتَ , قَالَ: " نَعَمْ " , قَالُوا: فَاكْتُبْ لَنَا عَلَيْكَ كِتَابًا , " فَدَعَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِصَحِيفَةٍ , وَدَعَا عَلِيًّا لِيَكْتُبَ " - وَنَحْنُ قُعُودٌ فِي نَاحِيَةٍ - فَنَزَلَ جِبْرَائِيلُ - عليه السلام - فَقَالَ: {وَلَا تَطْرُدْ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ , مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ , وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنْ الظَّالِمِينَ} (٤) ثُمَّ ذَكَرَ الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ , وَعُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ , فَقَالَ: {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ , لِيَقُولُوا: أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا؟ , أَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ؟} (٥) ثُمَّ قَالَ: {وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِنَا , فَقُلْ: سَلَامٌ عَلَيْكُمْ , كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ , أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ , ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ , فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (٦) قَالَ: فَدَنَوْنَا مِنْهُ حَتَّى وَضَعْنَا رُكَبَنَا عَلَى رُكْبَتِهِ , " وَكَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَجْلِسُ مَعَنَا , فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ , قَامَ وَتَرَكَنَا " , فَأَنْزَلَ اللهُ: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ , وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ} (٧) وَلَا تُجَالِسْ الْأَشْرَافَ {تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا , وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ} يَعْنِي: عُيَيْنَةَ وَالْأَقْرَعَ {وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} (٨) قَالَ: أَمْرُ عُيَيْنَةَ وَالْأَقْرَعِ , قَالَ: {فُرُطًا} هَلَاكًا , ثُمَّ ضَرَبَ لَهُمْ مَثَلَ الرَّجُلَيْنِ , وَمَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا , قَالَ: فَكُنَّا نَقْعُدُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَإِذَا بَلَغْنَا السَّاعَةَ الَّتِي " يَقُومُ فِيهَا " , قُمْنَا , وَتَرَكْنَاهُ " حَتَّى يَقُومَ ") (٩).

الشرح (١٠)


(١) [الأنعام ٥٢]
(٢) (م) ٤٦ - (٢٤١٣)
(٣) (جة) ٤١٢٨ , (م) ٤٦ - (٢٤١٣)
(٤) [الأنعام ٥٢]
(٥) [الأنعام ٥٣]
(٦) [الأنعام/٥٤]
(٧) [الكهف/٢٨]
(٨) [الكهف/٢٨]
(٩) (جة) ٤١٢٧ , ٤١٢٨ , (م) ٤٦ - (٢٤١٣) , انظر صحيح السيرة ص٢٢٤
(١٠) قال الألباني في الصحيحة ح٣٢٩٧: قال الحافظ ابن كثير في تفسيره (٢/ ١٣٥): "وهذا حديث غريب؛ فإن هذه الآية مكية، والأقرع بن حابس , وعُيَيْنَة , إنما أسلما بعد الهجرة بدهر " انتهى كلام الحافظ.
قلت: والظاهر أن الوهم من أسباط بن نصر؛ فإنه - وإن كان صدوقاً , ومن رجال مسلم - فقد كان كثير الخطأ , يُغْرِب؛ كما قال الحافظ في "التقريب " وأبو سعد الأزدي , وأبو الكنود , لم يوثقهما غير ابن حبان، ووثق الأخير منهما ابن سعد في "طبقاته "، وقال الحافظ في كل منهما: " مقبول " , ولم أجد لهما متابِعاً في ذكر الأقرع وعيينة، فهو غير محفوظ.
وقد جرى البوصيري في "الزوائد" على ظاهر ما قيل في رجال الإسناد , فقال: "إسناده صحيح، وقد روى مسلم والنسائي والمصنف بعضه من حديث سعد بن أبي وقاص "!
قلت: قول ابن كثير عندي أرجح وأقوى؛ فإن سياق القصة يدل على أنها كانت في مكة , والمسلمون ضعفاء، وحديث سعد الذي أشار إليه البوصيري يؤيد ذلك، فقال سعد: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ستة نفر , فقال المشركون للنبي: اطرد هؤلاء، لا يجترئون علينا , قال: وكنت أنا، وابن مسعود، ورجل من هذيل، وبلال، ورجلان لست أسميهما، فوقع في نفس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما شاء الله أن يقع، فحدث نفسه، فأنزل الله عز وجل: (ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه).أخرجه مسلم (٧/ ١٢٧). أ. هـ